سأقول وبكل صراحة
الفنان الفلسطيني عبد الهادي شلا | كندا
من متابعتي المستمرة بقراءة ما يقع في يدي من صحف أو تقع عليه عيني عبر وسائل التواصل وما ينشره بعض الكتاب المتخصصون في تقديم صورة عن افتتاح المعارض الفنية أو نقدها أو في لقاء خاص مع فنان ،لاحظت أمرا جعلني أتوقف وأمعن القراءة في تلك الطريقة المتعالية والفوقية الاستعراضية عند بعض هؤلاء الكتاب وأكثرهم ممن يغطون خبرا فنيا لا أكثر بأنهم يستخدمون كلمات لها “فرقعة” تثير الإنتباه ولا تعطي فرصة لفهمها بل تُوحي بأنه يتم حشرها بين الكلمات المتلاحقة التي تتعب القارئ وترهق تفكيره فتصرفه عن مضمون الغرض من المقال وقد لا يكمل القراءة.
ربما يريد هذا الذي يقوم بمهمة تغطية الخبر الفني أن يضع نفسه في مصاف الناقد بينما هو لا يملك مقومات هذا الأمر الذي المعلوم بأنه خاص بمن تتوفر فيه مواصفات الناقد من حسن المعرفة بتاريخ الفنان وبتنوع المذاهب الفنية الحديثة والقديمة وما إلى ذلك يظهر حين نقرأ للناقد المقتدر ويمتعنا بكل كلمة.
الكتابة بتلك اللغه الفوقية الشديدة الصرامة جعلتني أتساءل ماذا يريد الكاتب أكثر من أن تصل كلماته لعقل وقلب المتلقي وهو يصف اللوحات ويقدمها كما أراد لها الفنان في بحثه و يشرح وينقب بما هو”من المفروض” أن يفيد المتلقي .؟!!
هل يريد أن يستعرض قدراته البلاغية على العامة و يقربهم من فهم الأعمال الفنية بينما كلماته “طلاسم” زاد تعقيدها فزادها إبهاما؟!
المقالة الصحفية والنقدية الموجهة لغيرالمتخصصين يتوجب أن تكون يسيرة الفهم لتحقق الغرض منها وهو الإرتقاء بالذائقة الفنية التي هي من أولويات ما يحتاجه المجتمع في سُلم الرُقي بأن تكون فنونه واضحة المعنى وهي ترسم خريطة حياته اليومية المرئية والمخفية .
ندرك تماما بأن كثرة المدارس والمذاهب الفنية قد زادت من صعوبة الاستقبال عند المتلقي العادي،ولكن هذا لا يمنع أن تكون هذه المدارس والمذاهب الفنية من المكتسبات التي نضيفها إلى المدارس التقليدية التي تتميز بالمباشرة وبفهمها الأكثر يُسر مما يُغني الذائقة العامة ويوسع دائرة التلقي بمتابعة كل جديد ومتطور.
ما نود أن نؤكد عليه هو أن تكون أي تغطية أو نقد لعمل إبداعي في أي صورة من صوره أن تضع في الاعتبار القدرة الاستيعابية للعامة وتُبسِط الأمرلهم تأخذ بيد المتلقي إلى الصورة الإبداعية التي يميل إليها وتمنحنه خريطة يرى فيها طريقا إلى عالم المبدع لأنه يرى أن الكاتب أو الناقد نموذجا يقتدي به ويردد ما يستوعبه عنه وبهذه اللفتة يكون الكاتب قد حقق الهدف الأسمى فيما كتب ولا يكون متعاليا مستعرضا دون أن يترك أثرا.
نقول وبكل صراحة أن عالم الثقافة والإبداع دائما يحتاج إلى تهذيب مصطلحاته لتكون قريبة من المستوى الثقافي للمتلقي ،ولا يخفى علينا أن عالم الثقافة يتربص به منتفعون جُل همهم المكسب المادي والاسترزاق مما يكتبون متغاضين عن الرسالة السامية التي تحملها الكلمة و يحتاجها المجتمع لتفتح له طريقا إلى عالم الإبداع و فهمه..!