سياسة

اعتداء المستوطنين على كنيسة – حبس المسيح- في القدس المحتلة جريمة تستوجب العقاب

بقلم: المحامي علي ابوهلال

يواصل المستوطنون اعتداءاتهم على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس المحتلة، دون أي تدخل جاد من سلطات وقوات الاحتلال لمنع هذه الاعتداءات الأمر الذي يشجعهم على مواصلة اعتداءاتهم بدون أي رادع أو حساب، فقد اقتحم المستوطنون، يوم الخميس الماضي 2/1/2023، كنيسة “حبس المسيح” في البلدة القديمة من القدس المحتلة وحاولوا إضرام النار فيها، وكان ماجد الرشق الذي يعمل حارسا في الكنيسة منذ 20 عاما قد نجح في السيطرة على المتطرف أثناء محاولته تدمير تمثال للمسيح داخل الكنيسة باستخدام مطرقة، ومحاولة إحراقها وألقاه أرضا، قبل أن تعتقله شرطة الاحتلال الإسرائيلية المعتدي وتحوله إلى التحقيق، بحسب ما أعلنت.
وروى الرشق تفاصيل الحدث بالقول: “كانت هناك مجموعات سياحية، ودخل بينهم شخص يحمل حقيبة على كتفه ودخل إلى الكنيسة وهي مكان مقدس يأتي إليه الكاثوليك من كل أنحاء العالم”.
وأضاف: “بعد خروج مجموعتين سياحيتين من إسبانيا وإندونيسيا، سمعت صوت ضرب شديد، وصعدت إلى المكان حيث يوجد تمثال للمسيح، وكان هذا الشخص يحطم به بمطرقة”.
وتابع: “حاولت أن أمسك به وحاول ضربي بالمطرقة، وتمكنت من إنزاله ولكنه أسقط التمثال، وحاول أن يفتح حقيبته لإخراج شيء ما، ولكن تمكنا من السيطرة عليه وجاء رجال الدين وجاءت الشرطة وأخذوه”.
وأكدت شرطة الاحتلال في بيان أنه تم “القبض على سائح أميركي يشتبه في قيامه بتخريب وتحطيم تمثال في كنيسة بالبلدة القديمة بالقدس”. فيما قال حارس الكنيسة أن “المعتدي إسرائيلي حتى وإن قالت الشرطة الإسرائيلية إنه سائح أميركي”، وأضافت أن “مركز الشرطة تلقى صباح يوم الخميس، بلاغًا عن عمل تخريبي في كنيسة بالبلدة القديمة في القدس. واعتقلت الشرطة وبمساعدة حارس أمن الكنيسة، سائحًا أميركيًا في الأربعينيات من عمره مشتبهًا به، قام بتخريب وتحطيم تمثال في الكنيسة. تم نقل المشتبه به للتحقيق في ملابسات القضية”، علما بأن فيديو انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، أظهر أن حارس الأمن هو الذي سيطر على المقتحم، كما ظهر في المقطع المصور، وأن الحارس ذاته كان يستدعي الشرطة الإسرائيلية إلى الموقع.
وفي محاولة لتبرأة المعتدي ذكرت الشرطة في بيانها أنه “تم فحص الاشتباه في أن المشتبه به المعتقل، مختل عقليا”، في حين أيّد المسؤول في كنيسة اللاتين في القدس، بيتر شانبيل، أقوال الرشق بأن المعتدي متطرف.
ويذكر أن كنائس القدس وممتلكات المسيحيين تتعرض إلى اعتداءات متكررة من قبل المستوطنين، والتي كان آخرها تحطيم شواهد 30 قبرا في مقبرة تابعة للكنيسة الأسقفية الإنجيلية في المدينة المحتلة، وقبل أسبوعين اعتدى متطرفون إسرائيليون على سكان وممتلكات بطريركية الأرمن، فيما تم في الشهر الماضي الاعتداء على مقبرة مسيحية خارج أسوار البلدة القديمة.
بات واضحا أن المقدسات المسيحية والإسلامية في مدينة القدس باتت هدفا لاعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال، وذلك في إطار السياسة العنصرية التي تنتهجها سلطات الاحتلال، لتهويد المدينة المقدسة وتصفية الوجود والهوية الفلسطينية العربية، وتدنيس المقدسات المسيحية والإسلامية.
إن اقتحام المستوطنين للكنيسة، يشكل احدى الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وجمعياتها ومنظماتها الاستيطانية ضد المقدسات المسيحية والإسلامية في المدينة المحتلة. ويندرج هذا الاعتداء في إطار سياسة تهويد المقدسات وفرض السيطرة الإسرائيلية عليها كجزء لا يتجزأ من استهداف المدينة المقدسة لتكريس تهويدها، وضمها وتغيير هويتها ومعالمها وتهجير مواطنيها، وفصلها تماما عن محيطها الفلسطيني.
إن تصاعد الاعتداءات والاقتحامات لدور العبادة والمقدسات الإسلامية والمسيحية هو النتيجة لسياسة حكومة الاحتلال اليمينية العنصرية تجاه كل ما هو غير يهودي، ولا يمكن تصنيف هذه الأفعال بالعمل الفردي، إنما هي سياسة عنصرية ممنهجة لحكومة الاحتلال الفاشية الإسرائيلية، لتفريغ القدس من سكانها الأصلين وتهويدها.
كما لا يمكن قبول موقف شرطة الاحتلال بأن المعتدي هو سائح أمريكي ومختل عقليا، وهو ما نفاه حارس الكنيسة ماجد الرشق، والمسؤول في كنيسة اللاتين في القدس، بيتر شانبيل، حيث أكدا أن المعتدي متطرف من المستوطنين الإسرائيليين ومعروف لهما، وسبق وأن اقتحم الكنيسة من قبل.
إن ادعاء شرطة الاحتلال الاسرائيلي أن المعتدي سائح أمريكي ومختل عقلي، يستهدف تبرئة المعتدي، وليست هذه هي المرة الأولى التي تدعي الشرطة، أن المعتدين الذي يعتدون على الأماكن المقدسة هم مختلين عقلياً أو معتوهين، لكي يتم تبرئتهم من الجرائم الذين يرتكبونها، ونذكر في هذا الصدد أن من أحرق المسجد الأقصى تم تبرئته من الجريمة التي ارتكبها ضد المسجد الأقصى تحت نفس المبرر. كما أن ادانة الجرائم التي يرتكبها غلاة المستوطنين، وقوات الاحتلال ضد المقدسات المسيحية والإسلامية لن توقف هذه الجرائم، ولن تردع الذين يرتكبونها، إذا لم ترتبط الإدانة بعمل ملموس لوقف هذه الجرائم ومحاسبة من يرتكبونها.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى