أدب

مثل راقصات الفلامنكو والسحب

شعر: نداء يونس

لا تتوقف قطارات الليل في كازابلانكا
ولا تسأل عن الاتجاه.
لم أعتمد على الساعة في معصمي
ولا على دقة الحسابات كالتجار في سوق الحرير
ولا ذاكرتي المحشوة بالخرائط والمتجهات
ولا روائح الخيول الهرمة في الحقول
أو فكرة الذباب عن النجاة الدائمة من الضربات
لا على الشبق الذي أخفيه تحت ثيابي كالممنوعات
أو الآن لأنه الماضي دائما
ولا الآتي لأنه الآن
ولا على الأسيجة التي لم تثقبها الذئاب
ولا الكرز الذي لم يتعلق بحبل نجاة
ولا الطريق الذي لم يتعلم كيف يصبح شائكا
ولا التاريخ المشذب دائما
بل على الحب
أو الصراخ
الذي أمتليء به
ويقول أدونيس إنه أكثر من ذلك، أكثر
حين أكتب الشعر.
متوحش
قاس وغريب
مشبع بالأبخرة الضارة
مدهش
يقايض كمؤجر عقارٍ فرنسي
كالفخاخ يفتح فمه
مصاب بالتأتأة
مثل العورات يخفي نفسه
قاصر
جثة مجهولة
كالمدمنين أو المصابين بالزهايمر
لكنه لا ينسى الأغنية
لا الرقص
ولا كيف ينخز أجولة القمح كي تصل فارغة
أو ترك ثيابه إلى جانب الطريق
الذين يعرفهم يموتون
الظلال رفيقة له
والعتمة
مثل أرشيف ممتليء بالعث
ينبطح مثل اللوردات في عصر النهضة
يهج،
يهيج،
يهجو،
يهجر،
يهجم،
يهجس،
يهجع
بركة للوحل
ليس كائنا فضائيا
ولا ابنا للمدينة أو فلاحا من أقصى الجنوب
يتحدث عن أشياء لا مفر منها
ويوافقك الرأي كمن يحاول إنقاذ غريق
الهامش فيه
مثل قابس الكهرباء المعطل أو المصباح المحترق
خيانة كالنصل
لامع ويلوم
لا أخلاقي كالمقدس
ملجأ هو للعواصف اليتيمة وكان صاحب الحانة
يسهو كعجوز قديمة
يكتب كطفل يغفو بينما ياكل
يعود دائما مهما هرب إلى قيده
يخيط كالبدويات ثيابا ملونة لمناسبة واحدة
تحت أظافره تراب كثير
يرفض أن ينظفها
يرفض أن يقصها
ومثل الضوء يضعها في أي شق
يحتكر وحده الرؤية
ويشبع نشوة الحائط
ينحاز للمهام السهلة
كسول في طبعه
يقول: العموميات للقادة
مفرط في حساسيته تجاه الطرد وغغلاق الأبواب
فاشل في انتقاء الوقت
ينحاز للمهمل
الجراح كمادة له
الهزائم وسيلته إلى عدم الانقراض
بدائي،
فضيحة
يبول على الجدران
لا يعرف كيف يقف في صف
ولا ينتظر دوره
عنيف كالظلال
رقيق كالأثر
مثل ترجمة لا تتذكرها أمام جندي لعشبة المريمية
التي تملأ حقائبك
وجهازك التنفسي
وتاريخك الشخصي الذي لا يعرفه
عابس كالخاسرين في أسواق التداول
يكاد يصاب بذبحة قلبية
الحواس متشابكة مع حباله الصوتية
الحرائق تشبهه والزلازل
ينبش ماضيا لم نكن ندركه
وقادما لا نلتفت له بالعادة
سخيف في مرافعته حين يفكر بالدفاع عن القضاة
هزيل حين يعد انتصاراته
نبي حين يصمت
فوضوي في طبعه
ويعيد تدوير الكائن
لم أعد أعرف إذا كنت أحكي عن الحب أم الشعر
لأنني
مثل راقصات الفلامنكو
أركز فيهما على موضع قدمي
ومثل السحب
لا أعرف أين أقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى