أدب

أوراق الخريف.. ساحرة النيل (٥)

بقلم: شرين خليل
أسرعت على أمي لكي أحملها من الارض وافهم منها ما حدث فالخوف يملأ قلبي وأشعر بأن أنفاسي على وشك الإنقطاع. أمسكت بذراعيها وقلت لها: قومي يامه إيه اللي حصل طمنيني.
رفعت رأسها وقالت بإنكسار أخوك مات يا إسماعيل…
-أخويا حامد ..
– أخوك فؤاد يا إسماعيل…
-فؤاد؟؟!! إزاي؟؟ حصل إزاي؟؟..
-غرق في النيل..
دارت بي الدنيا ولم أدري ماذا أفعل ..جلست بجانب أمي أبكي على أخي…
تجمع الناس حولنا …
منهم من يواسينا ومنهم من يقف صامتاً…
حتى جاء خالي مصباح وذهبنا معه إلى المنزل …
وأخبرني أن جثة فؤاد لم تظهر بعد …
أما أمي فهي لن ترتاح حتى تظهر جثة أخي…
تركتنا وذهبت تقف على شاطئ النيل وتنادي على فؤاد..فقلبها يحترق.
وعندما نطلب منها العودة إلى المنزل ترفض بشدة فهي تنام على الشاطئ…
لا تأكل ولا تشرب تجلس تنظر إلى المياه وتتابع عمليات البحث عن جثة فؤاد..وفي يوم قالت لنا : أنا هادور على ابني بنفسي .
– ازاي يا أمي؟؟
– هاركب القارب وألف النيل كله..
– اشمعني هو اللي ماطلعش…اللي كانو معاه عاشوا واللي غرق منهم جثته طلعت لسه جثة فؤاد…
أنت فين يابني؟؟
وبالفعل بدأت أمي عملية البحث عن فؤاد بنفسها …
كنت أخاف عليها أن يحدث لها ماحدث لفؤاد ..لا أملك سوى الدعاء لها بالصبر …
مرت أيام وظهرت جثة فؤاد..وتمت مراسم الدفن ..
وأمي حزينة تذهب كل يوم لتعاتب النيل وتلومه …
حان الوقت أن أبحث عن أخي حامد، اتفقت مع خالي مصباح أن نسأل كل من سافر معه عنه ونحاول الوصول إليه بأي طريقة…
وفي ظل هذه الأحداث المؤلمة لم أجد زوجتي بجانبي …
جاءت مثل الغرباء لتقديم واجب العزاء وذهبت…..
لم أتخيل أن أمل تتركني في هذه الظروف القاسية …
ذهبت إليها لأفهم منها:
أمل ليه سايباني لوحدي؟؟
-ما أنت مع أمك …
-لكن محتاجك جنبي .
-هاعملك إيه يعني…
-ليه الرد القاسي دا منك …
– ما أنت جريت ورا أمك ونسيتني..
– إنتي مش شايفه الظروف اللي إحنا فيها..أخويا مات وماكناش لاقيين جثته .. والتاني مانعرفش عنه حاجه ..مستنيه إيه أكتر من كده عشان تقفي جنبي ..أموت أنا كمان ..
– بعد الشر عليك..بس ماتزعلش مني أنا مش برتاح مع الست والدتك..
-وهي الست والدتي عملت لك إيه؟ دي نفذت كل طلباتك..مش هاين عليكي تواسيها وتقعدي معاها يومين وهي في حالتها دي ..
– آه قول بقى كده أقعد يومين وكمان يومين لحد مانقعد هناك خالص ..دي الخطة بقى..
-خطة إيه اللي بتتكلمي عنها؟؟
-إنك ترجع تقعد عندها هناك وتاخدني معاك ..
-أنا معرفش خطط وواضح كمان إني معرفتكيش كويس …أنا مش هاسيب أمي في الظروف دي وهاقعد معاها على الأقل لحد ما حامد يرجع …
-طيب أقعد لوحدك بقى ..أنا مش هاروح معاك …
– يعني إيه؟؟ هاتسيبيني وتتخلي عني ..
-افهمها زي ماتفهمها…
-شوفي يابنت الناس مش عشان حبيتك وسمعت كلامك وسيبت أمي اللي ربتني وضحت عشاني أنا وإخواتي يبقى تبيعي وتشتري فيا زي ما إنتي عايزه …أنا مش هاسيب أمي..أمي اللي مش عجباكي دي تعبت عشان تربينا وشافت الويل يمكن كانت قاسية علينا بس عشان نطلع محترمين وقسوتها من خوفها من الناس والزمن كانت ممكن تتجوز وهي ماكنش فيه في جمالها والناس كانت مسمياه ساحرة النيل من كتر جمالها اللي بيسحر لكنها عاشت لينا ..عاوزاني دلوقتي أسيبها ..دا أنا بقى جبان ومليش أمان وتبقى أول واحده تخافي مني لو عملت كده لأن اللي ملوش خير في أهله ملوش خير في حد ..ودي أمي..
-وأنا بقولك يا أنا يا أمك..
– دا أخر كلام عندك ؟؟
-أيوا
– فكري كويس يابنت الناس ..أنا هامشي واقعدي مع نفسك لو عاوزه نكمل مع بعض إنتي عارفه مكاني وهاشيلك على رأسي ولو مش عاوزه يبقى كل واحد يروح لحاله …
سلام…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى