قراءة مكثَّفة في ديوان: “عظامي شفافة وهذا يكفي” للشاعر المصري فتحي عبد السميع
أليسار عمران | أديبة وناقدة سورية
عظامي شفافة وهذا يكفي،مقدرة عالية على التحليقِ عالياً،بمفرداتٍ يلثمها الضّبابُ،ويداريها قشرُ المحارِ،يحملكَ على أجنحة الكلمات ،لتطيرَ في مجازاتِ خياله ،لغةٌ بكرٌ يفكّ طلاسمها النسيمُ فتهطلُ رقراقةً على جسدِ الحلمِ،تتمدّدُ كخارطةٍ فوقَ استبرق ألحانه الشجية
في قصيدة ليلى ومحاولات قيسٍ جديد
حاولتُ أن أخطف النخل من جبّة الريح
لكنني ماوجدتُ يدا
وحاولتُ غسل الرمالِ
ولكنني ماوجدتُ دما
محاولته ودعوة للحرية في المجتمع
ولكنه وقفَ كصخرةِ ربّانٍ عتيقٍ بمواجهة الموجِ وحيداً
وحينَ قلّب مواجعهُ كان الألمُ قد جثا على عتبتهِ
والأيادي المقطوعة لاتقوى على نصب خيمة الأملِ في أحلام هاربة من قانون العدالة السماوية
ينامُ الجميع على حجرِ ليلى
وليلى حقولٌ من التين
تثمرُ في شفتيه
ولؤلؤةٌ من دموع
وما أصعب الشوقُ في البلاد التي تقطعُ سبل اللقاء
وتكسرُ عنقَ الحلمِ في خوابي الدموع في قصيدة تلك الجمرة يقول:
خذ تلكَ الجمْرة وافركْ أحداقك في زخرفها
واقفز في ترتيلات المنحدرين من الهتك
وتعويذات الرّمز
الممعن في تضليل الطّلاب
أبياتٌ توحي بحياةٍ كان الحبّ فيها جريمة تعاقبُ عليها السماء
حين يكون شعور الورد حراماً حين يكون الصوت يقاومُ دون كلام
حين تكونُ فصولُ الدرس يتيمة،والطالبُ تتتبعه الأوهام
سَكرةُ الموتِ المبكر
كم وردةٍ رفرفتْ في عُنّابِها
كم من بناتِ الجنّ نمْنَ على ذراعي
ترى هنا رهافة الحس،واشتعالُ الشوق،وكأنما أصابعهُ اغتصبتْ كفّها العاري
وكم سورٍ خرقتْ بإصبعي،
لا أفكرّ بالهزائم،والخسارات
والمرارات،
التي ستنامُ في نعشٍ معي
يعصفُ الحبّ والمستحيلُ إيقاعه العالي على تقاسيم المحال
وكأنّ المحبوبة ثمرةٌ، تعلّقت على سدرة المنتهى، فدفنَ حلمه بريشهِ ينتفضُ داخل نعشهِ كالطير الذبيح
ديوانٌ بقصائد ملونةٍ كقوسِ قزحٍ تدعوكَ لتشربَ نخبها على موسيقى الجاز وبلاغة الإعجاز
تحملكَ بخفّةٍ في أصابعها تحتضنكَ كفراشةٍ وصلت للتو إلى ربيعٍ مدفونٍ هناك في أقاصي خياله المنفيّ على الورق.