هل نحن “أمة وسطا”؟
بقلم: الدكتور/ قاسم النفيعي عميد كلية التربية ريمة الأسبق – اليمن
{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (59)[سورة مريم – الآية 59]هذه أمتكم التي تنشدونها بين الوسطية والاعتدال. فوالله ما وجدنا إلا كفر بواح، وظلم جائر، وحياة تشريد وفسوق،وعصيان، وظلم، وتجبر، وضياع للعدالة، والأمانة، وبحر لجي من الخداع،والمكر ، والتبرير ،والنفاق ،والشقاق، وسوء الأخلاق، وما يباع في سوق النخاسة في الجاهلية، أهون ما يباع ويشترى في أسواقنا السوداء.وخاصة تجارة الاختطاف،وبيع الأعضاء،والزج بالشباب إلى محرقة عرضها في كل مديرية روضة،وطولها في كل سبيل إشارة، وفي كل بيت أنين،ومن تحت كل أكوام، ركام من الأشلاء،وأجساد لا أرواح لها.أهذه أمة وسطا؟
نحن أمة كثر فينا المتفيهقون، وكثر الخبث، واندلقت اقتاب بطون اللصوص، وقطاع الطرق، من السمنة، والمال الحرام وقطاع الأرزاق، وكثر المتشدقون. أنا لا أندب الأطلال، ولكن ما رأيت من أكل الحرام ولا حلال عند أمة تركت الإسلام ،والسلام، والعدل، والأمن والأمان، وأحيت البدع، والخرافات، ونحن بين خطباء الباذنجان، وخطباء صم بكم عمي فهم لا يفقهون. وبين تلك العمائم السوداء، والبيضاء، التي تمحي نور الوجه، وتولد الإكتئاب.مما تهذوا به وتدعي أنه جاء في الكتاب.
أصبحنا نتهاون بالصلوات، ونكثر من مجالس القيل والقال، وغذائنا القات. {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ○فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ}. ثمة رجال يزعمون أنفسهم رجال دين،وأنهم الفرقة الناجية. وهم غربان عرفوا كيف يدفنون سوءاتهم .ويختلقون أعذارهم، ويمررون حكمهم جبريا. وليسوا من الدين في شئ فهو يتبرأ منهم، كما تبرأنا منهم أيضا.ولو كان الدين رجلا لجالدهم على الكذب عليه،ولعنهم وأعد لهم سعيرا.ومايحملونه جل الأحزاب والطوائف والجماعات من أوزار،وافتراء. إنما هو دين تطرف،وإرهاب، وعداوة،وبغضاء، ثم لا يفهمون مغزى فكرهم.كونه يملى عليهم،وليس له أصول توثيقية.ومآله إلى الزوال، وإنما هو دين {إِلاَّحَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا}وصلى وصام لأمر كان يقصده.فلما قضى الأمر لا صلى ولا صام . ويحملونه،ولا يدرون مايحملون. {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}.
نحارب في عقيدتنا في أقواتنا،نموت ونحن ننتظر دفئ، ودفع المرتبات، ونشير، ونلوح بعقارب الساعة. ونتألم، ونتكلم، ولا نعار أي اهتمام. ومهما تحدث أو لاتحدث فهم (إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث). ألم يقال: (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق). اختاروا لكم واحدة. أما أنكم تحدون شفراتكم، وتضربون الموظفين ببعضها ليحيون أن لكم ذلك. ذاك موت الفجأة، والسكتة، والجلطة، والسقطة، والنوبة، وما أكثرها. هل استشعرتم المسؤولية؟ (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)، تمتصون رحيق الخيرات، {وتأكلون التراث أكلاً لما.وتحبون المال حبًّا جًّما}،(وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ). وتصادرون بكل ما هو جميل، وتلهونا بالحوارات والجلسات على الطاولات.وفي النهاية وعود،والله لعرقوب أصدق منكم. أهذه أمة وسطا؟