محمد نفاع .. الرحيل الذي أوجع القلوب.. من الورد إلى الورد

محمد علوش | شاعر ومناضل سياسي

     محمد نفاع، الأديب الكاتب والقاص الفلسطيني المميز ولقائد والمناضل الوطني والأممي المعروف فلسطينيا وعربيا والأمين العام للحزب الشيوعي سابقاً ورئيس تحرير جريدة “الاتحاد” الحيفاوية.

     هذه الجريدة المبدئية التي حافظت على دورها الثوري طيلة العقود الماضية والتي أخذت بأيدينا نحن الكتاب والشعراء حينما فتحت صفحاتها لنا لنقول قولنا وفعلنا عبر جريدة شعبية تحظى بثقة شعبها ومحبته الغامرة ث، حيث كانت ولا زالت منبراً تقدمياً معبراً عن روايتنا وثقافتنا ومواقفنا ونضالنا المتواصل .

    كانت لحظات صعبة عندما سمعنا بنبأ برحيل القائد الرفيق محمد نفاع، هذا المناضل الكبير والاستثنائي الذي لا يختلف عليه أحد بما اتصف به من صفات الشجاعة والبسالة وصلابة النضال وقوة الموقف في مجابهة ومقاومة الثالوث الدنس المتمثل في الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، وفور سماعنا للنبأ اتصلت بالرفيق أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة وبالرفيق عادل عامر الأمين العام للحزب الشيوعي معزياً بهذا الرحيل المفجع لكل من أحب محمد نفاع ” أبو هشام” وباعتقادي أن محبيه كثيرون، هنا في فلسطين وفي القلب منها أراضي 48 وفي الشتات فهذا الانسان الصلب والمتواضع الذي التصق بالأرض وناضل من اجل هويتها العربية وناضل ضد الأسرلة وضد التمييز العنصري والقومي الذي تمارسه اسرائيل بحق من بقي من ابناء شعبنا .

     هناك يومياً أخبار عن رحيل هنا أو رحيل هناك ، ولكن هناك فرق بين رحيلٍ ورحيل وبتقديري بأن خسارتنا كبيرة برحيل الرفيق ابو هشام، هذا الشيوعي الماركسي المبدئي الذي نذر حياته للنضال طيلة سنوات عمره.

    وقد تحمل كلفة هذا النضال وتعرض للاعتقال والملاحقة والإقامة الجبرية، وعاش فقيراً مناضلاً من أجل الفقراء الذي يمثلون هويته الطبقية وهوية حزبه المناضل من أجل الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية العادلة والمساواة والديمقراطية لشعبنا الذي ظل شامخاً فوق أرضه رغم كل السنين العجاف منذ نكبة العام 48 حتى اليوم .

     بكل تأكيد الخسارة برحيل الرفيق ابو هشام ليست محصورة في حزبه وجريدته ، بل هي خسارة كبيرة لكل الحركة الوطنية الفلسطينية ولكل من يناضل من اجل انهاء الاحتلال ومن أجل العدل والسلام العادل، وقد قمنا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بنعي القائد الراحل وقد جمعته بحزبنا مواقف ولقاءات ومؤتمرات عديدة.

    ونحن نعتز بهذه الصلة الوثيقة مع الراحل الكبير ومع رفاقه الشيوعيين الذين نعرف مقدار صلابتهم ومواقفهم الوطنية الراسخة وتضحياتهم الطويلة في دفاعهم عن شعبهم وقضيته وحقوقه الوطنية المشروعة نحو انهاء الاحتلال وإلغاء نظام التفرقة العنصرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .

      نعرف جيداً طريق الرفيق محمد نفاع ، الطريق الوعرة التي سلكها والتي لم تكن يوماً مفروشة بالورود بفعل العنصرية والفاشية والظلامية التي يكرسها حكام تل ابيب لفرض سياسة الأمر الواقع والتعامل بشكل غير متكافئ مع أبناء شعبنا في الداخل والتعامل معهم بمنتهى العنصرية وملاحقتهم عبر قوانين وسياسات عنصرية وفوقية ومعادية .

      لا شك بأن رحيل الرفيق ابو هشام حارس الجرمق ، الأديب العربي الذي نهل من الأرض وأرتبط بها وصاغ بعشقها قصصه القصيرة ورواياته الذي تشكل معادلة قوية في مسيرة الأدب الفلسطيني المعاصر بما قدمته من اضافات نوعية ومن اقتراحات جمالية أغنت بقوة وبقناعة أدب القصة القصيرة والسردية الفلسطينية عموماً .

     الراحل الكبير أديب مقاوم، غلب عليه الرفض في معظم كتاباته، رفض الاحتلال والظلم والجشع والاستغلال والتمييز العنصري والقهر القومي والطبقي، وقد أسهم اسهامات مشهودة في حركة الأدب جنباً الى جنب مع الكتّاب الكبار من أصحاب التجارب المكرسة، حامية للتاريخ والهوية الوطنية والثقافية ومحرضاً على التمرد والرفض والعصيان لأننا شعب جبار يأبى الخضوع ويرفض الانكسار .

    تميز الرفيق الراحل بقيادته الحكيمة بما امتلكه من مخزون ثقافي ومن تجربة تراكمت عبر عقود طويلة من النضال، وقد قاد حزبه في أحلك وأصعب الظروف في ظل حالة من الانكسار التي عاشتها الأحزاب الشيوعية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة الاشتراكية، حيث آمن بأن انهيار النموذج ليس نهاية المطاف وأن للانهيار أسباب عديدة يجب أن لا تعيق المسيرة ويجب أن تستخلص منها العبر للمضي بمسيرة الحزب ونضاله العنيد سواء على صعيد الحزب الشيوعي أو من خلال إطارها الجماهيري الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

    وقد استطاع ابو هشام أن يحافظ على وحدة الحزب ومكانته وأن يوسع قاعدته الحزبية والجماهيرية من خلال إطلاق العنان للشبيبة الشيوعية التي واصل رفاقها المسيرة بصلابة وبعمل مخلص وصولاً لما وصلت اليه الحالة هذه الأيام حيث يحافظ الحزب على مكانته الطليعية بين أوساط شعبنا في الداخل وقدرته على أن يضم في عضويته يهوداً وعرباً مؤمنين بالفكرة الشيوعية ورافضين للاحتلال ويناضلون من أجل المساواة والعدالة ويدعمون بقوة الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني نحو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتحقيق حق العودة للاجئين والنضال من أجل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني .

عرف عن أبو هشام مواقفه الثورية المدويّة ورفضه لأنصاف الحلول أو ان يمسك ان يمسك بالعصا من الوسط ، بل امتاز بجرأة عالية الوتيرة في كافة القضايا وكان من ابرزها خلال السنوات الاخيرة الموقف من الحرب الكونية على سوريا التي يقوم بها النظام الامبريالي وعملاءه من انظمة القطيع العربي التي تسير في الفلك الامريكي، ومواقفه الذي عبر على كافة المنابر التي أكدت عروبية ومبدئية وثورية هذا المناضل الذي سنفتقده دائماً.. سنفتقد قائداً مهلماً ومعلماً كبيراً أسهم غي بناء ذاكرة وهوية شعبنا .. سنفتقد كاتباً مميزاً كنا نقرأه على صفحات أو موقع ” الاتحاد ” وفي كل كتاباته السياسية والفكرية والأدبية وحتى الحزبية الداخلية كنا نتعلم نها وننهل من معينها، كيف لا وهي نتاج مدرسة عظيمة أرسى دعائهما قادة ومفكرون وأدباء ونقابيون ومناضلون لهم في قلوبنا علامات كبيرة ولهم في سجل الخالدين مكانتهم المحفوظة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى