مقال

في شأن الإنسان..!!!

الفنان الفلسطيني عبد الهادي شلا | كندا
خلق الله آدم”عليه السلام” في أحسن تقويم و من ضلعه جاءت “حواء”،فمنحهما الجنة يسرحان ويمرحان فيها لا ينازعهما فيها إلا “إبليس” الذي حذرهما من أن يغويهما فيخرجهما من النعيم الذي لم يؤتَ لأحد من البشر قبلهما فهما الأولان،كما حرَّم عليهما أكل ثمار شجرة بعينها.!!

وفي الآيات الكريمة من القرآن”وعلم آدم الأسماء كلها” وبهذا العـِلم الرباني تفوق على الملائكة فكان تكريما أخر لآدم من ربه،ولكن النفس أمارة بالسوء فرغم تحذيرات رب العالمين لآدم من “إبليس” إلا أن آدم قد ضعُفَ حين ألـَحَ عليه الأخير بالوسواس وأغواه أن يأكل من الشجرة التي حرمها الله عليه في الجنة،فكانت النتيجة أن خرج منها إلى الأرض بعد أن غفر له ربه…

هذه القصة يعرفها كل الخلق فلماذا نذكرها في مقدمة المقال إذا؟!

لأن الإنسان بطبيعته الفطرية يحاول أن يجد لنفسه كل ما يرضيها أو تحبه ليشبع رغباته المادية والمعنوية والجسدية فإنه على مر العصور كان ومازال منشغلا بما يوفر له كل احتياجاته من مصادرها الطبيعية التي وفرها الله له وأظهر بعضها يراها بعينه وأخفى بعضها وترك لعقله أن يتدبر الوصول إليها،فما يقع تحت عينيه ليس بكله واضح المعالم والتفاصيل وعليه أن يتفكر ويتدبر في أمره حتى يمكنه اكتشاف ما خفي منه أو لم يدركه عقله فيه وهذا من أسرار الخلق.

وحين تعذر عليه الوصول إلى جوهر هذا المرئي له كان لا بد من التفكير بطريقة تشفي رغبته وتحد منها فبدأ تفكيكها والتأمل في جزيئاتها وربط نتائجه بعضها ببعض ليصل إلى مبتغاه ولكن ليس بالضرورة أن تكون النتائج موثوق فيها فباستمرار البحث والتجريب والاكتشاف على مر الزمن وصل الإنسان إلى ما صار حقيقة من نتائج ينتفع بها وتوفر له احتياجات تتوافق مع كل فترة زمنية حتى وصلنا إلى عالم هو اليوم يطفح بالمكتشفات والاختراعات..!
فهل كلها تفيد الإنسان؟!
بلا شك أن النوايا الحسنة التي رافقت الاكتشافات هناك بجوارها نوايا سيئة سارت بالتوازي تعمل على استغلالها بطريقة شريرة لتفوز بالسبق لأن هذه النوايا السيئة هي أيضا من طبيعة النفس البشرية خاصة إذا كانت مُبيتة ومقصودة لتحقيق مآرب غير إنسانية،ولسنا ببعيد عن هذه النوايا حين نرجع للتاريخ الذي امتلأت صفحاته بذكر الحروب وسفك الدماء منذ الأزل و كان الحجر والسيف والرمح أدوات هذه النوايا السيئة حتى وصلنا إلى “زر”صغير يمكن أن يفجر قنبلة نووية تمحو كل حي على وجه الأرض،وهذه نكسة إنسانية إن تحققت ذات يوم من نفس عصية فهي لا تقل عن خروج”آدم” عليه السلام من الجنة بوجه مقارن فهذه خراب حل بعمار بينما خروج”آدم” من نعيم إلى امتحان شديد يتحمل نتائجة كل البشر حتى قيام الساعة.
رغم أنه ليس بمقدورنا أن نستوفي كل جوانب الموضوغ بمقال عابر هنا،إلا أن الآية الكريمة التي تستوقفني كثيرا”وما أوتيتم من العلم إلا قليلا” تجعلني أتفكر في كل ما فيها من معنى شامل لكل التجربة الإنسانية على وجه الأرض فهي حقيقة من كلام الله الذي خلق الإنسان ويعرف سره ونجواه وقدراته ومدى قوته على الثبات والاجتهاد وسيبقى هناك أمر ما أو حالة ما لايمكن الوصول إليها وتحقيق رغبة الإنسان فيها لحكمة يعلمها الله وحده وظنا منا لو أن الإنسان أتم معرفته بكل شيء فإن طبعه السيء سيأخذه إلى حيث لا يرغب به الله سبحانه وتعالى رغم أن الأمر كله بيده وقـَدره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى