لافتات أحمد مطر
عبد الرزاق الصغير | الجزائر
الشارع مبلول
من مدة لم نر الغيم هنا
صاحب المقهى استبدل النبت الحقيقي
بنبات لا يشرب ولا هم يحزنون
ذلك الذي نلقبه بالبحار
استبدل قبعة البحارة والتيشيرت المخطط
بقميص أبيض من البالة
وربطة عنق مقصبة استعارها
من بواب إدارة البلدية
العتبة التي كنا نسكر عليها
بما كنت تقرأه لنا كل عشية
من شعرك
هدمت
وأتلفت حتى الشجرة التي
كتبنا عليها أسماء عشيقاتنا المتخيلات
حتي المكتبة التي نسرق منها روايات مثل لا بحر في بيروت البؤساء،لوليتا ودواوين نزار
حولها صاحبها لمتجر يبيع اكسيسوارات نسوية
أما السور الذي كنا نخبئ في شقوقه لفايف الحشيش في
لافتات أحمد مطر
لا زال على حاله
غير أن شقوقه فارغة
*
كرسي الحديقة فارغ
المرأة التي اعتادت نثر القمح للحمام
ليس لي سابق معرفة بها
لكن ترى هل هي مسافرة أم مريضة
أو لا سمح الله ماتت
الشيخ الذي كان يبيع هنا الأحذية المستعملة
قيل مات
لازلت أتذكر نكاته
قراءته الشعر الملحون
قررت اليوم أن لا أخوض
في مجاز مرسل أو تشبيه أو مجاز عقلي
أو لغوي
أو سجع
أن أقشر البطاطا
وأقلي شريحتي دجاج
أتغدى أنا وزوجتي
دون ورد مستعار
أو أن تفصل بيننا قصيدة
*
جلست وسقط شالها
على ظهر الكرسي ، وخلخلت رأسها
لتزيح خصلات الذهب عن عين ياالله يارب
النوار على الطاولات يقتل نفسه يقوي ضوؤه ويسترسل
آه كم أنا سعيد بجمالها
بلحن الأكورديون المصادف ، بالمطر
كم أنا سعيد بأناملها كأنها حرير يمسح خدي
أشم كفها أشربه كالماء بالعسل
نسيت إسمي
نسيت الدواء
نسيت الشباب في الشارع ، مطاردة شرطة الشغب
نسيت الزمن
نسيت الكتب السياسة ( الحراك) الفساد ، البطالة ، الرشوة وعلم البلاغة الفلسفة والشعر
جلست وسقط
الشال
الأحمر
* *
الأص الضخم
أقصد كما أعتدنا شقوقه التي تسرب الطمي
السرو يبدو حزينا ، الوكنات خاوية، السماء داكنة ، القرميد كدم بارد
فاحم
الله في القلب
أنا من باكر خلف هذا البلور
أنتظر من نصف قرن
خمسون شتاءا وربيعين و قطتين وثلاثة أو أربعة معاطف وكثيرا من الأحذية
والكتب ، وسيلا من القهوة و الأفكار البئيسة السيئة ، برطمانات معجون السفرجل والسكر والحلوة والجراح والورد والتشائم والظن والمكر والخوف والكبت والتوق وإبتكار حلول مؤقتة
ألاف الحقن
والضمادات
والجبس
والجنس
والمسكنات
خيوط العمليات والإبر المعقوفة
دم
دم
دم
ولا امرأة
أقصد كأمي
تظل صالحة
إلى ما بعد الموت
* *
بلورية
سهلة الكسر
كإناء زينة شفاف
هشة هذه الصبيحة
كحلم
كأمنية
في شكل بيضة
شجر دائم الخضرة
شهية
لينة
إبتسامتك أحسن ما في هذه الدنيا
حلوة
لا أستسيغ رائحة السجائر والعرق في مقاهي الشوارع الخلفية
أنا الآن في الشارع
خارج القصيدة