على طريق الاحتمالات  (قصة قصيرة)

د. جمال الجزيري | مصر

هكذا صعبتْ: كأنني في الشارع الموازي للشارع الذي أسكن فيه. شارع خلف العمارة. هل تعطّلتْ سيارتي؟ لا أدري. لكنني عليّ أن أذهب إلى مكان ما لإحضار السيارة.

ومع أن الشارع مليء بالسيارات والتاكسيات، أجدني أركب حمارًا. وفي الغالب تركب زوجتي معي. ونسير في نفس اتجاه السيارات، متجهين إلى ذلك المكان الافتراضي أو الورشة الافتراضية التي يتضح موقعها جيِّدًا في رأسي، والتي بها سيارتي التي تم إصلاحها، كما أفهم من سياق الموقف في المنام.

نسير بالحمار قليلا. وفجأة يتوقف الحمار. ومن الواضح أنه يصرخ ولا يريد أن يتقدم خطوة واحدة، مع أنني لا أسمع صوتَه. أمسك بلجامه في الغالب، وأحاول أن أدفعه للأمام. لكنه ينسحب من تحتي، ويتحوّل إلى كلب على ما أظن، فلا أرى تفاصيل ملامحه جيدًا، خاصة وأن الحمار انسحب من تحتي وتراجع للوراء قليلا.

أحاول النظر للتأكد مما إذا كان كلبًا أم لا. أجد أن قطة تنسلخ منه. وأراها بوضوح أمامي بجانب إحدى السيارات المركونة على يسار الشارع، إذا كان وجودها في اليسار أو اليمين يفرق معكم. والقطة راقدة على جنبها يسار السيارة. ومن الواضح أنها في حالة سلام مع نفسها، ولا تتألم، مع أنني أرى رجلها بوضوح وهي مكسورة ولكنها ليستْ منفصلة عنها. يتضح ذلك من استقامة رجلها غير المنثنية.

أشفق عليها، وأفكر في أن آخذها للمستشفى. وهنا أجد زوجتي قادمة من أمامي، وكأنها سبقتني بخطوات، ولكنها أدركتْ أنني لم أعد معها، أو أن الحمار رفض أن يوصلنا، فرجعت نحوي، وهي ترتدي ملابس البيت التي كانت ترتديها قبل خروجنا. والفارق الوحيد أنها ترتدي حجابها في الشارع. ومن الواضح أن الشارع هدأ تماما، وكأن الوقت ما بعد العصر، إذ لا أحس بحرارة الشمس، مع أنني كنتُ أحسُّ عندما ركبتُ الحمار أن الوقت كان الساعة الثانية ظهرًا تقريبًا.

يختفي المشهد، وأجد أنني أتخلَّص من فمي مما يشبه البلغم. شيء أبيض داكن أُخْرِجُه على مراحل، وأضعه في شيء لا أعرف إن كان منديلا أم طبقًا، وأسعى لأن أخرج كل ما هو موجود في جوفي، وإن كنتُ أحسُّ أن معظمه وصل إلى حلقي وسيسهل عليّ إخراجه بالكامل من فمي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى