العشوائيات القاتلة
بقلم: سمير حماد
متى تتخلّص المنطقة العربية من العشوائيات القاتلة التي فتكتْ بها؟ عشوائيات في كل شيء، عشوائية ديموغرافية, حيث الانفجار السكاني الهائل ، واكثر من نصف السكان تحت خط الفقر .
وعشوائيات سكنية, حيث باتت أعداد كبيرة من البشر يعيشون على هامش المدن والحياة, في ضواح بدائية خالية من الخدمات والحد الادنى من التنظيم… ولقمة العيش، والكثيرون منهم مشروع جريمة، دون أن ننسى العشوائية الاقتصادية وهزال القطاع العام وخصخصته الفاشلة والانبهار بالمستورد من كل شيء، بالرغم من الفقر .
والعشوائية السياسية وهزال أحزاب الجبهة التي اصطنعتها الاحزاب الحاكمة الشمولية, وضياع البوصلة السياسية او فقدانها. مع فقدان الحد الادنى من الديموقراطية، ناهيك عن انتشار التدين مدعوما بالفقر .وهناك العشوائية التربوية التعليمية, والتخبط التربوي والأكاديمي وضعف المناهج والطرائق ، والمجتمع العربي يحصد ما يزرع تربويا وتعليميا فشلا مستمرأ مخجلاً ، وأمية معرفية .
أما العشوائية الثقافية, فحدّث ولا حرج, عن عشوائية الترجمة والطباعة وضعفهما وهزالهما ،وعشوائية الجوائز , والمهرجانات الثقافية المدجّنة.. (قل الكرنفالات) التي تقودها احصنة الاعلام والأحزاب الشمولية، ومئات الفضائيات العربية التي تجر الى الوراء اكثر مما تسوق الى الامام، وهذه الفضائيات, تعمدت زرع التخلّف والدفاع عنه و تهميش الثقافة, والمثقفين, مدّعية الدفاع عنهما ،
وليس امر الصحافة الهزيلة اقل بؤسا عن الفضائيات وبقية الدُّمى او المنابر الثقافية, حيث القطعنة والتماثل والشللية القاتلة.
هذه الحالة من العشوائية الثقافية, غيّبت الوعي، وجهّزت التربة للفساد والخيانة والتنكر للهوية واستيقاظ الهويات القاتلة .
ثقافة لم تستطع ان تقدم اكثر من مواطن أمّي يقرأ نصف ساعة سنويا، أو أقل من نصف كتاب في العام حسب تقارير التنمية البشرية، من المستحيل ان نتقدم او نعيش العصر والحداثة طالما بقيت هذه العشوائيات مستمرة .