أوراق الخريف.. أحلام طبيب (2)
شرين خليل | المنصورة
بحلم دايما إني بجري بسرعه جداً وزي مايكون في حد بيجري ورايا بس أنا مش شايفه بتبقى الدنيا ضلمه لكن ببقى حاسس بصوت أنفاسه… طبعاً ضربات قلبي بتزيد وبصحى من نومي وكأني فعلاً كنت بجري…
-أنت بتصارع نفسك يادكتور وليد مش بقولك إنك مستعجل …
– مش فاهم يادكتور..
-هافهمك الأحلام دايما بتكون انعكاس للي أنت بتفكر فيه أو خايف منه…يعني الحلم دا بيعبر عن حالتك اللي انت في الواقع مش قادر تعبر عنها …
-قصدك إني خايف من نفسي…
-كلنا في بداية حياتنا بنكون خايفين من اللي جاي وفي نفس الوقت عندنا شغف ولهفه إننا نحقق المستحيل …
-أنا فعلاً نفسي أحقق أحلام كتير جداً وخايف مقدرش عشان كده محتاج حد جنبي يشجعني ويحسسني بوجودي وكياني…
-مش قولت لك إنك مستعجل …
-مفيش قدامي حل تاني حياتي كانت صعبة ونفسي أعيشها صح..
-هاتعيشها وهاتحقق أحلامك بس بلاش التسرع وعاوزك ماتشغلش بالك بالحلم دا لأنك بعد كده لما تندمج في الشغل مش هاتحلم أصلا ولو حلمت مش هاتفتكر الحلم لأنك هاتنام من التعب والأرهاق ومش هايكون عندك وقت تفكر في الأحلام …وكفاية عليك أحلام الواقع، سيبك من أحلام الخيال…
-حاضر يادكتور هاحاول وشكراً جداً على وقتك ونصايحك الغالية..
-على إيه بس أنا قولت لك أنا بتعامل معاك كأنك أخ صغير ليا ويلا بقى عشان نشوف شغلنا…
-تمام يادكتور …
ذهبت لممارسة عملي وحاولت التأني في موضوع دارين ومرت عدة أيام وتكرر الحلم مرة أخري ولكن بصورة مختلفة…
هذه المرة ذهبت مسرعاً إلى دكتور شهاب لإني شعرت أنها رسالة لي ..
طرقت الباب ودخلت :
-دكتور شهاب؛ أنا آسف إني دخلت على طول…
-خير يادكتور وليد أنت جاي متأخر ليه انهارده أنا سألت عليك أول ماوصلت ..
-أنا مانمتش من القلق والتفكير …
-خير يادكتور …
-نفس الحلم …
-نفس الحلم …
– ايوا بس المرة دي مختلف .
-ازاي ؟؟
-في نهاية الحلم بلاقي قطة …
-قطة!!
-ايوا قطة هادية وشكلها جميل جداً..
-وبعدين…
-مفيش صحيت من النوم وأنا رايح لها…
-أنت شفت قطط قبل ماتنام…
-لا أبداً …بس أنا حاسس إنها دارين لأني أول مره أصحى من نومي وأنا مش خايف بالعكس مطمن ومرتاح…
-أنت شايف كده ؟؟
-دا إحساسي..
-عموماً أنا قولت لك رأيي في الأحلام قبل كده ومش عاوزك تبني حياتك وتاخد قرارات مصيرية بسبب حلم ..
-بس أنا فعلاً معجب بيها وعاوز ارتبط بيها ..
-طيب أنت اتكلمت معها ..
-أنا هاتكلم معاها انهارده واطلب منها أني أقابل والدها واخطبها، أنا حاسس إنها بتبادلني نفس الشعور وحاسس كمان إن وجودها هايفرق معايا..
-طالما شايف إن دا في مصلحتك خلاص بالتوفيق…بس أنت في يوم من الأيام هاترجع بلدك وطنك وهل دارين هاتعيش معاك هناك؟؟ …
-دارين كده كده متغربة عن بلدها فأعتقد إنها مش هايفرق معاها وبعدين أنا لمحت لها بكده وحسيت إنها معندهاش اعتراض…
-أتمنالك كل خير يادكتور وليد وابقى طمني عليك…ويلا بينا على الشغل ..
أنهيت عملي وتحدثت مع دارين وطلبت منها تحديد موعد لمقابلة والدها ..
وحدد والدها الموعد وذهبت إليه وأنا تغمرني السعادة ووافق والدها ورحب بي وبدأت أرسم أحلامي معها فهي تبادلني نفس الشعور ونفس الطموح … أحببتها وكنت دائما أردد لها هذه الأبيات:
“أراك فتحلو لدي الحياة .. ويملأ نفسي صباح الأمل , وتنمو بصدري ورود عِذاب .. وتحنو على قلبي المشتعل”…
أخبرت أهلي ووعدتهم بأنني اتفقت مع دارين بأنها لن تفارقني وسوف تأتي معي للعيش والإستقرار في بلدي عندما انتهي من فترة تعاقدي ..وهي وعدتني بذلك ..
الغريب في الأمر أني مازلت أحلم نفس الحلم ولكنه لم يزعجني ولم يشغل بالي فالحب يغمرني،
والتفاؤل ملأ قلبي، وأنار دربي الأمل ونسيت غربتي ووحدتي وأحببت عملي وحياتي …فأنا مثلما قال الشاعر :
أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ .. في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ ، النّور في قلبِي وبينَ جوانحي .. فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ ، إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي .. أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ ، لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ .. وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ.
ومرت الأيام والشهور وجاء اليوم الذي حدث فيه مالم يكن في الحسبان..
فلقد تم بيع المستشفى وتغير كل شئ وتم إنهاء تعاقد كل العاملين ..
ولا يوجد أمامي حل سوى الرجوع إلى بلدي …
ماذا أفعل مع دارين لابد من عقد القران حتى تكون زوجتي بصفة رسمية…
ذهبت إليها لكي أخبرها بذلك وكانت المفاجأة