أين نحن من النظام الدولي الجديد
شوقي العيسة | فلسطين
النظام العالمي يتغير وسيستمر في التغير وستكون عدة دول عظمى ولها حلفاء اقليميين اقوياء واتباع ضعاف.
ولكن القاعدة الرئيسية في علم السياسة ستبقى دائما هي نفسها، (ميزان المصالح وميزان القوى).
الحركة الصهيونية قبل تأسيس اسرائيل كان حليفها الرئيسي بريطانيا ومعها عدة دول من اوروبا الغربية وبعد الحرب العالمية الثانية انضم الاتحاد السوفياتي الى داعميها في تحقيق هدفها بتأسيس اسرائيل.
وكان هناك صراع بين الدول الغربية والاتحاد السوفياتي على من سيستطيع استخدام اسرائيل لتحقيق مصالحه.
بعد تأسيس اسرائيل مباشرة فهم الصهاينة الذين يتصفون بالتخطيط وخاصة التخطيط بعيد المدى او الاستراتيجي، فهموا اتجاهات حركة النظام العالمي وان امريكا في طريقها لتصبح الدولة العظمى الاكثر تأثيرا.
وبما انهم اخذوا من الاتحاد السوفياتي ومن بريطانيا وفرنسا وغيرهم ما ارادوا وهو تأسيس اسرائيل. انتقلوا الى امريكا ليصبحوا الحليف الرئيسي والاداة الاهم لامريكا في الاقليم.
وكانت امريكا، في طريقها، للتربع فوق النظام العالمي الجديد، بحاجة الى حلفاء واتباع في كل مناطق العالم.
وجدت في اسرائيل اداة هامة في الشرق الاوسط.
اسرائيل كانت تعرف ما الذي هي مقبلة عليه، اي سياسة التوسع والاجرام وتعرف ان الاتحاد السوفياتي اذا اختارته حليفا وداعما رئيسيا لن يسمح لها بذلك وكان واضحا لها ايضا ان بريطانيا تتقزم. اما الولايات المتحدة وطبيعة النظام القائم فيها فسيدعمها في كل شيء اذا اثبتت أهليتها للحفاظ على مصالحه.
بين عامي ٤٨ و ٦٧ كانت امريكا مترددة في مدى كفاءة اسرائيل ونجاحها ولم تكن تعطيها الدعم الكامل او المطلق. ولكن بعد حرب ١٩٦٧ اختلف الوضع. واقتنعت امريكا ان اسرائيل مؤهلة لخدمتها وعليه اتخذتها كأداة استراتيجية ومنحتها الدعم المطلق.
الآن ندخل نظام عالمي جديد.
اسرائيل انتبهت الى ذلك مبكرا وبدأت تبحث عن مصالحها في النظام العالمي الجديد.
فقوّت علاقاتها مع الصين وروسيا والهند وتركيا وحاولت بكل جهدها فتح علاقات قوية مع دول الخليج وخاصة السعودية واهتمت كثيرا بميدان العلاقات الاقتصادية مع الصين. لفهمها ان الهيمنة الاقتصادية الصينية التي تجتاح العالم. بالضرورة ستتبعها هيمنة سياسية.
ولم تأبه كثيرا بغضب امريكا بسبب تطور علاقتها بالصين فهي تعرف انه بعد ترسخ النظام العالمي الجديد سيبدأ نجم الامبراطورية الامريكية بالافول.
الصين التي تجتاح العالم بالتطور التكنولوجي والعلاقات التجارية والصناعة ومعها روسيا ستجد اسرائيل مفيدة لها اكثر منا. فهي ستستفيد من الدولة الحديثة المتطورة تكنولوجيا وصناعيا وقانونيا في اسرائيل وليست بحاجة الى العلوم الدينية القبلية في غزة او علوم الفساد والبيروقراطية وغياب القانون في رام الله. ولكنها اي الصين تعرف ان عليها حل قضيتنا لتأمين نوع من الاستقرار في المنطقة العربية ولذلك ستضغط علينا للقبول بحل لا يحقق كل حقوقنا لانها ستكون بحاجة لبقاء اسرائيل قوية.
في ظل كل هذه التطورات المستقبلية اذا واصلت السعودية تحديث نفسها والتحول الى دولة حضارية حديثة وقوية واصبحت تخطط لتحتل موقع دولة اقليمية لها قرار مؤثر في المنطقة، فأنها بذلك ستتسبب في ضعف اسرائيل وتراجع مكانتها في المعادلات الدولية. خاصة وان الدولتين الاقليميتين في منطقتنا ايران وتركيا ستجدان مصالحهما مع السعودية وليس مع اسرائيل. وسيزداد الامر سوءا على اسرائيل اذا واكبت مصر خطى السعودية في تحديث وتطوير وتقوية نفسها . لان كل ذلك سيؤثر دوليا على اختيارات الصين وروسيا والهند لتحالفاتهم في الاقليم.
اين نحن من كل ذلك ؟؟!!