يمامةُ الفَرق…

عبد القادر الحصني-شاعر سوري مقيم بمصر

 

 

بدأ الحبُّ غريباً
وغريباً سيعود الحبُّ،
مابالي حزين
باخعُ النفس على آثارهم ، أو
ذاهبُ النفس عليهم حسراتْ؟
ولماذا كلّما عبَّتْ كريّاتُ دمي من عبق الشّرقِ قباباً
وبخوراً
وصلاة
عصف الشَّوقُ، فناح القصبُ اليابسُ،
وانثالتْ أغاني القبّراتْ ؟

آسرٌ هذا الحنانْ ؟
أم أنا جدٌّ ولوع بالتَّفاصيل التي عتَّقها مَرُّ الزَّمانْ؟
***
يا صديقي ياعميق الجرح والعينين،
يامشتعلَ الحيرةِ عُمْرَكْ .
قدَّس اللهُ وندَّى
في الدياميسِ
على الوحشةِ
سرَّكْ
قمر الغربة أنتَ
وشذا القُربة أنتَ
ورحيلٌ في حشاشاتِ الينابيعِ
إلى ينبوعها الأوَّل أنتَ
ماعليكَ
ذاهباً في الكبد الكابدِ
حتى منتهاهُ

كابد الليلُ عماه: كبدُ اللَّيلِ الجمانْ
.. والمحارات اللآلي
.. والعناقيد الدِنّانْ
كابد الزَّيتونُ في آونةِ العصرِ ؟
فمما كابد الزَّيتونُ بوحٌ
شقَّ قلب اللَّيلِ،
أورى وردةً مثل الدهانْ

كابد الوعرُ فكان السَّوسنُ البريُّ،
والنَّحلُ،
وكان الأقحوانْ

ثمّ كابدنا ، فكان الجدلُ الفاتنُ:
إطْعَمْ لقمةَ الزّقّومِ
في الجنةِ
واشربْ سلسبيلاً
في الجحيم
واعط هذين النَّقيضين الجميلين الأمانْ.

***

بدأ الحبُّ غريباً
وغريباً سيعودُ
ليتَ أنّي حاورتني الأعينُ الحورُ،
وقدَّتني القدودُ .
يومَ أنفاسُ المحبين مراسيلُ
لها الريحُ بريدُ
يومَ ( ريّا ) مثلُها صفصافةٌ
مالت على النهر لتسقيِهِ
ومثلُ اللهِ دربٌ
هبَّ من قلبي،
وشدَّته النهاياتُ إلى ما لا يعودُ.

نُقَلٌ في قمم الثّلج القصيّا… تِ
انهياراتٌ
مع الوديانِ
في سوق الغزالات الرَّقيقاتِ
انسراحٌ
في حفافي الغيمِ
والغيبِ
إلى حيثُ يُلاشي كلَّ دربٍ
بعدُهُ الأبعدُ
إلاّ نقطةً
في سرِّها يُطوى البعيدُ

***
بدأ الحبُّ غريبا
يا قريبَ الدَّارِ، لو كنتَ قريبا
وَسِعَ الشَّدوُ الحجارَ الصُمَّ
والعرسُ، على الجرح، القلوبا

آهِ لو كنتَ قريبا
عتقتْ من يومها الخمرُ،
وأغفتْ،
حِضْنَ جمرِ الموقد الحاني
الطُّيورُ الخضرُ
لو كنتَ قريبا

ضوَّأَ الألماسُ ليلَ الفحمِ
والتِّبرُ تمنَّى بالتراب العذبِ
لو ظلَّ مَشوبا

آه لو كنتَ قريبا
خرج النطقُ على الحرفِ
وقالَ الصَّمتَ،
أو قال السُهوبا…

إلى يوسف سامي اليوسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى