ماقادك شئ مثل الوهم
د. نجاة صادق الجشعمي
الخلافات المؤدبة هي الفاعل الحقيقي، والفاعل الغائب في الخلافات الحمقاء، التي أسهمت في التجاذبات على مستوى الوعي الفكري والأخلاقي والاجتماعي وخلق حالة من التشتيت الأسري وأصبحت المشاكل تتطور بشكل سريع دون وعي وانبثاق العداوة والبغضاء من داخل بعضها البعض حتى بات الإنسان عاجزا حتى من مواكبة التطورات والأحداث وهذا ناتج من عدم تأسيس قاعدة مفهومية أي سياسة التفاهم والتحاور المحترم المثقف الهادئ ومازلنا لم نصل إلى هذه الجرأة الفكرية السلوكية بأن تكون المناقشة مع بعضنا البعض مبنية على أسس البحث بوعي والتأكد من المعلومات التي يمكن أن تسند إلى ( س ) من الناس لكن بفعل فاعل غائب مغرض هدفه الإطاحة والمساس بشخصية قوية محترمة واعية لها دورها في المجال المعرفي أو السياسي أو الثقافي وفي كافة المستويات والمجالات.
ثقافتنا العربية غالبا ما تأسست على قال فلان، وقيل لي، وسمعته يقول، وهم يقولون. من الذي قال هذا ؟ الجواب: فاعل غائب تأسس الشك والحكم والغيقاع على فاعل غائب. من هنا لابد أن أقول يجب أن نستدعي ضمائرنا عندما نتحدث، وكذلك علاقاتنا ونبتعد عن النزاعات الحمقاء من أجل نص أو قصيدة أو نقد او التقرب لشخص ما دون تحليل وبلورة مفاهيمنا وألفاظنا والبعد الحقيقي لعلاقاتنا والأواصر التي تربطنا قد نلتقي يوما ونتواجه بأي الوجوه.. نتقابل فماذا يقول بعضنا لبعضن؟ هل تنظر إلى أين تجلت المشكلات ورافقت المكر والخداع والألم وحضرت وأصبحت حقدا وسوادا في القلوب وغصة في الصدور كل هذا من أجل ماذا ؟
انزياحات نفسية مريضة بالأنا والعناد والعبث في العلاقات والمشاعر الحقيقية والثقافات لبث الفوضى الفكرية والتأويل والأقاويل والشائعات لخدمة طبقة معينة قادرة على التدمير، ذات حوارات تحتمل الاحتمالات المفتوحة تغني وتغتني بالكراهية المغرضة والتصورات المفبركة كبناء ودليل يتميز بصياغة لغوية بارعة متميزة محتشدة بالذكاء وفق منهج اكذب اكذب اكذب حتى تصدق… هكذا يستعرضون هؤلاء بطولاتهم في طرح الحلول وهم من فعل هذا الخلاف يقتلون القتيل ويمشون خلف نعشه.
واخيرا قد تختلفون معي او تتفقون لكن للأسف هذا ما يحصل على المستوى الاجتماعي داخل الأسر وأيضا في الأوساط الثقافية والسياسية وكافة المجالات وعلى كل الاصعدة والمستويات نحن أمة غير معصومة من الأخطاء لكن يجب أن نتعلم سياسة الاحتواء الحوار والخلافات المؤدبة…خارج ما تعودنا عليه وعرفناه…لاشك في الختام أكيد لديكم سؤال.
كيف تدار هذه الخلافات؟ وكيف يكون الخلاف مؤدبا؟
يجب أن يكون الخلاف مستمدا من مشكله ما خرجت من الإطار الثنائي وشاركها
الفاعل الغائب أي شخص ثالث أشعل فتيلها بنار الاحترام والأنا والحق المستلب ونسى أو تناسى أن من حق الآخر أن يتمتع بنفس الحقوق الكاملة وفق الأديان والمعتقدات والحرية الشخصية لا تعني السيطرة والتضليل في الحقوق والواجبات لك وعليك نحن لا نعيش وراء البحار و شريعة الغاب وإنما شعب ومجتمع متحضر لنا هويتنا العربية وقيمنا النبيلة فيجب أن تتميز خلافاتنا بالديمقراطية ليس حلم كاذب نطالب به كذبا وكرها لغرض ترسيخ العبودية والجهل والتشرد والتفرقة لذلك يجب على الوسط الثقافي التأسيس على هذا المبدأ الاخلاقي ويكون مشروع تصالحي مع الذات أولا ثم مع الآخرين دون العبث بالماضي لإثارة الخلافات ذريعة الاعتزال والتقوقع.. ثقوا أحبابي أعزائي القراء والمثقفين ومن يقرأ هذه الكلمات أن التاريخ لايرحم..سوف تدفن وتلف في تلك القماشة البيضاء وتوضع في حفرة قد تكون جنة وقد تكون جيفة لايبقى لك إلا عملك ولسانك وكلمة طيبة قلتها وفرحة زرعتها في قلب حزين.. وأخيرا دعونا نرسم خريطة أحلامنا على أرض الواقع لا بالخلافات والخيال… الاعتذر عن الأخطاء لا يجرح كرامتك بل يجعلك كبيرا بعين من أخطأت بحقه، فلا تجعل فرصة للشامتين والمتربصين والمبطلين للنيل منك وتغلغل نار الفتنة إلى أن تتجذر بالأعماق.. صدق ابن عطاء الله السكندري – رحمه الله – حين قال: (إن ما استودع في غيب السرائر ظهر في شهادة الظواهر