الأمم لا تهزم إلا بفنونها
د. أحمد الطباخ
لا أدري إن كان قومي يعلمون أن هزيمة الامم لن تكون كما كانت قبل عسكرية فالامر اليوم لم يعد كما كان بتحريك الجيوش وتجييشها ضد دولة وإنما صار الامر بالهجوم على هوياتها وتدمير ثقافتها وتحطيم قدواتها وطمس معالم سبيلها والعمل بكل السبل على إضعاف كيانات عظيمة كان لها دور كبير في صيانة مقدراتها من خلال الاسرة والتعليم والثقافة الاصيلة التي هي التي صانت ثقافتنا وشخصيتنا وهويتنا حتى حدث ما وقع لنا على أيدي ثلة من بني جلدتنا الذين وقعوا في أيدي الفخ عن عمد وقصد ربما فكانوا أداة هدم في كل يدي عدوناع على كل قيمة وثابت من ثوابتنا العظيمة.
ولقد دمرت الفنون المحرمة حضارات اليونان والرومان والفرس والفراعنة وإذا الغرب هكذا فستدمر حضارتهم القائمة على المادية والنفعية وهذه سنة الله تبارك وتعالى التي لا تتخلف لكل المجتمعات التي تخرج عن الضوابط والحدود التي رسمها لها الدين الحق ، وهذه الفنون الغربية تسير في نفس الطريق الذي سار فيه الفن الروماني والوثني هادما لكل القيم متحللا من كل الضوابط قائما على الاباحية والشذوذ والتحرر والتحلل والتمهيد للمثلية.
وقد عمل الغرب منذ وقت طويل على إعداد مشروع ومخطط لتغريب شبابنا وغمسه في ثقافته لأن الغرب ورث الوثنية التي نبذت الأخلاقية وطغت فكرة الفن للفن على المفاهيم الأخلاقية السائدة، واشتدت الحرب عندما شرع حماة الفضائل في إدانة الفن الرخيص الذي يقوم على الحسية والشهوانية ويحول بين الإنسان وبين الاستقامة ولا يعني ذلك أن الفن هو قالب دعوي فحسب وإنما هو في التحرر من إبراز الصورة في قالب الاغراء بها ،والحض عليها وحدود أخلاقية العمل الفني أن لا يهاجم القواعد التي يقوم عليها المجتمع ،ولا يحاول أن يبرز الرذيلة أو يهدم نظم الدين والعدالة.
وإذا كان الفن من روح الفطرة وجب ألا يخالف أو يناقض دين الفطرة ،فإذا خالف الفن الدين في أصوله ودعا إلى ولو ضمنا إلى رذيلة من الرذائل التي جاء الدين لمحاربتها وعاقت الإنسان عن أن يفعل الفضائل التي جاء الدين لإيجابها على الإنسان حتى يبلغ ما قدر له من الرقي في النفس والروح ، وإذا خالف الفن الدين في شيء من هذا أو في شيء غير هذا ،فهي بالصورة التي تخالف بها الدين فنون باطلة ، لأنها جانبت الحق وأخطأت الفطرة التي فطر الله عليها الناس والخلق