أدب

أوراق الخريف.. أحلام طبيب(٤)

شرين خليل | مصر
أول هذه الشروط وأصعبها: السفر حتى أستطيع توفير حياة آمنة لرهف فأنا في نظر والد رهف مازالت مُبتدئ لا أمتلك شئ سوى شقة صغيرة ..
الشرط الثاني : أن تمتلك رهف هذه الشقة وتكون بإسمها بحجة أنها ستقوم بتجهيزها في فترة سفري ..
الشرط الثالث تعجبت منه واعترضت عليه في بداية الأمر وسألت والد رهف: ليه مش واثق فيا وعاوزني امضي على وصل أمانة مش كفاية الشقة هاتكون بإسمها..
وكان رده :
-يابني مش مسألة ثقة بس دي بنتي الوحيدة وعاوز اطمن عليها وبعدين كله ليكو في الآخر ..
مش يمكن بعد ماتسافر تسيبها وتغدر بيها ..
– أنا مقدرش أعمل كده أبداً لاني بحبها واتحديت أهلي وسيبت الدنيا كلها عشانها..
-ماهو دا السبب اللي خلاني عاوزك تمضي على وصل الأمانة. ؟
-مش فاهم..
-يابني مسيرك تتصالح مع أهلك وممكن يعصوك على بنتي وتسيبها عشان ترضيهم فأنا كده بضمن لها حقها …ولو مش موافق على كلامي إحنا لسه على البر وكل واحد يروح لحاله…
-أنا بحب رهف ومستعد أعمل أي حاجه عشان تكون معايا ..
-يبقى توافق على الشروط دي ..ولا أقولك فكر ورد عليا بكره ولو وافقت هانكتب الكتاب على طول، أنا عاوز أفرح ببنتي …
-خرجت من عنده وأنا تائه فاقد الشعور بالهوية …لا أعرف ماذا أفعل …لو أخبرت والدي سوف يرفض بشدة …ذهبت إلى طارق فأنا أحتاج إلى من يقف جنبي ويشد آزري …
طرقت الباب …
فتح طارق ليجدني أقف حزيناً، شارداً…
-وليد !!! مالك ؟؟
– محتاج أتكلم معاك …
-طمني عليك، إنت عامل كده ليه …اتفضل الأول أدخل…
-بلاش نقعد في البيت ..تعالى نروح أي مكان ..أنا حاسس إني مخنوق…
-طيب تعالى بس الأول احكي لي وبعدين ننزل أنا مش هاصبر..
-معلش ياطارق أنا لجأت لك لأني مليش حد هنا …
خير بس طمني…
-والد رهف عاوزني أسافر وعاوزني أكتب لها الشقة بإسمها وغير كده امضي على إيصال أمانة…
-ليه كل دا؟ كانت مين الست رهف دي ..ماتزعلش مني ياوليد بس أنا مش شايف أنك المفروض تعمل كده …إنت إنسان محترم وعلى خُلق ودكتور شاطر يعني أي واحده تتمناك …
-بس أنا بحب رهف وهاعمل لها كل اللي هي عاوزاه لكن حاسس إنها مش بتحبني ومش واثقه فيا عشان كده والدها بيطلب من الحجات دي ..يعني اللي حسيته أنهم بيرفضوني بطريقة غير مباشرة…
-وكانوا بيوافقوا ليه عليك من الأول لما دلوقتي بيرفضوك؟
– مش عارف، أنا في حيرة …
-شوف يادكتور وليد طالما بتحبها ومستعد تضحى خلاص وافق على الشروط دي بس بشروطك إنت كمان..
-إزاي؟؟
-أولاً: الشقة اللي تتكتب بإسمها دي تكتب ورقة زي عقد كده بينك وبينها ويكون فيه شهود بإن دي شقتك وتعملك توكيل عشان لما تنزل وتستقر تبقى شقتك رسمي …
ثانياً: لو هاتسافر يبقى مراتك تسافر معاك طالما هاتتغرب عشانها مخصوص..
ثالثاً: وصل الأمانة دا يتقطع أول ما مراتك تسافر لك ..
رابعاً: لازم يكون فيه شهود معاك ..
-شهود؟؟
-أيوا..زي ماهما مش واثقين فيك لازم إنت كمان ماتثقش فيهم…
-بس أنا خايف يزعلوا ..
-لا مش هايزعلوا طالما هاتوافق على شروطهم ..وأنا هاكون معاك أنا وماجد وهانشهد على كل حاجه …
بس عاوزاك تكون أقوى من كده . بلاش الحب يهزمك ويظهر ضعفك ..
-شكراً ياطارق أنا عمري ماهانسى وقوفك جنبي وخصوصاً إن أهلي قاطعوني كلهم بسبب الجوازه دي..
-بصراحة معاهم حق .. أقولك ليه قبل ماتتضايق مني وتزعل …
-اتفضل قول ..
-ياوليد الأهل بيشوفوا حجات إحنا مش شايفنها ..خبراتهم أكبر مننا وليهم نظرة واقعية وبتكون غالباً صح ..
-بس أنا مش صغير …
-لكن مش شايف صح…
-إزاي؟؟
-ماتزعلش مني في اللي هاقوله واسمعني كويس : أولاً: رهف مش الزوجة اللي هاتساعدك وتقف جنبك لأنها عايشه حياتها بطريقة فيها تحرر واللي هي عايزاه بتعمله ودا كلام ماجد زميلها هو عارفها كويس ..
ثانياً: طلبات والدها المُبالغ فيها تدل على إنهم ناس مادية وبس تفكيرهم في الفلوس …
-ثالثاً….
– كفاية ياطارق مش عاوز أعرف…
-أنت زعلت مني ..أنا صديقك ولازم أكون صريح معاك …
-أنا كده اكتفيت ومش عاوز أعرف حاجه تانية لإني مشهاغير رأيي فيها …
-براحتك بس حقك عليا كصديق إني أنصحك وفي الأول والأخر القرار قرارك وأنا معاك في أي قرار هاتاخده عمري ما اتخلى عنك..
وبالفعل لم يتركني طارق وحيداً وشهد معي على العقد هو وماجد ووافق والد رهف على الشروط التي اقترحها طارق…
وتم عقد القران ..وإقامة حفل كبير حتى يعلم الجميع أن رهف أصبحت زوجتي …
لم يكن احتفالاً بسيطاً بل كان إحتفالاً فاخراً في أفخم القاعات حتى يليق بأجمل فتاة وبدأت في تجهيز أوراق السفر …
وسافرت وأنا كلي أمل أن أحقق أحلامي وتأتي رهف لتعيش معي وتكون رفيقتي وحبيبتي…
ومرت الأيام وأنا أعمل على قدم وساق حتى انتهي من تجهيز عش الزوجية الهادئ وفي نفس الوقت أرسل إلى والد رهف المال لتجهيز الشقة وأرسل إلى رهف أيضاً كل ما تحتاجه…واتحدث معها كل يوم ..لا يمر يومي دون سماع صوتها …
وفي يوم أخبرتها بأني انتظرها وأحلم بها معي ولكن كان ردها صادماً : بصراحة أنا مش عاوزه أسافر…
-يعني إيه…
-مقدرش أعيش في البلد اللي إنت فيها دي..
-ومالها البلد دي وبعدين والدك اللي إختار إني أسافر عشان أعملك الشقة اللي نفسك فيها وأقدر أخليكي تعيشي زي ماهو عاوز…
-بابا يقصد تسافر فترة مؤقته مش تقعد العمر كله…
-أنا ماقولتش العمر كله بس محتاجك جنبي وإحنا اتفقنا على كده …
-أنا مقدرش أعيش عندك ..
-ليه بقى في إيه يعني إنتي جايه بعد ماسافرت واتبهدلت عشانك وخلصت لك أوراق سفرك وجهزت لك كل حاجه تقولي مقدرش أعيش عندك..ما الناس كلها عايشه هنا وكويسين..
-أنا مش متعوده أعيش في مجمتع مقفول عليا وابقى لوحدي بدون أصحاب ومعرفش أخرج غير بلبس معين وأقعد في البيت طول اليوم دي مش حياة …
-قصدك إيه؟؟..فهميني…
-قصدي إننا نعيش هنا ..
-بعد إيه ؟؟ بعد ماسافرت بتقولي كده …أنا ليا كلام تاني مع والدك …ياريت لو جنبك أكلمه ..
-لا هو نام .. …
-فكري يارهف في كلامك وبلاش اللي بتقوليه دا …
-أنا مش محتاجه أفكر لإني عارفه نفسي كويس مش هقدر أعيش عندك ..
-وعرفتي ازاي إنك مش هاتقدري ..
-إنت ناسي إننا كنا عايشين في البلد دي فترة وسيبناها ونزلنا مصر …
-آه قولي كده بقى ..دي مؤامرة عليا ..كنتي بتخدعيني …يعني أنا اشتريكي وتبعيني…
-شوف عشان أسافر معاك تنزل تاخدني وتعمل لي فرح كبير ..
-أنزل أخدك !! واعمل فرح كمان .. هو اللي عملناه دا ماكنش فرح ..دا أنا عملت لك حفلة الناس كانت بتحكي عليها وصرفت فيها دم قلبي …
-دي حفلة كتب الكتاب أنا عاوزه بقى فرح وزفة تكون ماحصلتش هو أنا ماستاهلش ولا أيه ؟؟
-لا تستاهلي بس إيه المقابل ؟؟
-إني هاكون معاك …
-ولو رفضت اللي بتقوليه دا ؟؟
– ماتقدرش ؟
-ليه ماقدرش ؟؟
– عشان وقتها هاشتكيك بوصل الأمانة وهاخد الشقة..
-إنتي بتهزري؟؟
-لا طبعاً، أنا بتكلم جد ..
-أنا مش مصدق اللي بتقوليه…
-لا صدق ودا شرطي عشان أجي لك وأعيش معاك ولو كلمت بابا هايقولك نفس الكلام لأن بابا مش بيرفض لي طلب..
ياتوافق على شروطي يا اشتكيك..
مع السلامة…
أغلقت الهاتف وأنا في صدمة شديدة من كلامها ..
هل أخطأت عندما وثقت فيها؟؟
طارق كان محقاً فيما قاله لي ..
أبي نصحني وأنا لم أهتم …
أنا لا أصدق ما قالته لي …
هل هذه رهف التي أحببتها ؟؟! تتحدث معي بلهجة تهديد …
تقتل الفرحة بداخلي …
تذكرت طارق عندما قال لي كن قوياً..
لن أضعف ولن أجعل الحب يهزمني لذا قررت أن …

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى