غالب هلسا والكاتبة وفاء كمال الخشن وجهًا لوجه (3)

 

كانت شخصية المرأة تتنوع في روايات ” هلسا “. فهي تارة الأم, وتارة عشيقة, وأخرى مناضلة أو خادمة أو امرأة بغي . والسؤال

ـ ( س ) ـ هل كنتَ تنقل صورة فوتوغرافية للواقع في رواياتك ؟

ـ ( ج ) ـ أنا ارفض أن أنقل الواقع بشكل فوتوغرافي، رغم أن الحياة تجتذبني بحلوها ومرها ..فحين أكتب تنبثق عني رغبات متزايدة تتوجه إلى العمل الكتابي نفسه. أما الناس الذين كنت أراهم وأراقب سلوكهم ثم أتحدث عنهم كثيراً . فكنتُ أضع نفسي مكانهم . لأرى كيف يمكن أن أتصرف . وماهي ردود فعلي تجاه حدث معين .

وبطريقة أخرى قد أنقل الحوادث والشخصيات معتمداً على حدسي الذي قلما يخطئ تجاه الآخرين.

فأعتقد أنني أمتلك قدرة فاحصة لاكتشاف مايدور في أذهان الآخرين، وما سوف يحدث في كثير من الأحيان .

قلتُ في أحد حواراتي: إن العلاقة بيني وبين أدبي ..هي توقعي أن يقنعني إلى الحد الذي يشعرني أنه بمعنى من المعاني من تأليفي .أي أنه يبني شخصيات وعوالم تذكرني بشخصيات عشتها وعوالم عرفتها ..حدث لي هذا مثلاً مع رواية ” تولستوي ” ” الحرب والسلام ” فقد كتبت لأحدهم إنني دُهِشْتُ عندما رأيتُ شخوصها في ” فيلم ” روسي مأخوذ عنها. ولكنني شعرتُ بخيبة أمل لأنني ألبست شخوص الرواية ملابس عربية ووضعتُ لهم ملامح عربية.

***

ـ ( س ) ـ هل شخصية السفَّاح في روايتك ” السؤال هي شخصية عرفتَها فعلاً .أم انها نوع من حنينك إلى المراة , الذي كنتَ تبطنه بسادية تشبه سادية ” كولن ولسون “

فسلوك السفَّاح في ” السؤال ” يشبه سلوك السفَّاح في ” رجل بلاظل ل”كولن ولسون ” وكذلك نهاية الاثنين كانت الدمار فعندك انتهى للإنتحار وعند ولسون إلى مصحة عقلية .

ـ ( ج ) ـ أردت من خلال السفَّاح ان أعطي بعداً سياسياً بالإضافة إلى البعد الاجتماعي , وأردت أن أشير إلى مساوئ السلطة في مصر عام ( 1962 ) , وإلى التناقضات القائمة بين الشعارات المطروحة وبين التطبيق .

ففي ” السؤال ” كان أحد أفراد السلطة يعاني تمزقاً وجدانياً , ولايجد له متنفساً سوى بالقتل . فكانت ضحيته الأولى إمرأة أربعينية .تركها زوجها .وكان “عبد العليم ” عالم في مركز الطاقة الذرية .الضحية الثانية .

والثالثة وًجِدَتْ جثتها مرمية تحت نصب تذكاري في ميدان التحرير. والرابعة مضيفة جوية, اغتصبها السَّفاح ثم قتلها . والخامسة سيدة . والقتيل السادس رجل ينتمي للحزب الشيوعي.

***

ـ ( س ) ـ لماذا انتهى السفَّاح محمود بطل روايتك إلى الانتحار .

ـ ( ج ) ـ رفضاً للحياة القاسية التي كان يعيشها وتمرداً على الواقع السياسي الذي لم يتمكن من تغييره وقد وجد نفسه محاصراً فيه .

وكذلك فإن انتهاء ” مصطفى ” الشاب المثقف إلى الاعتقال كان يعني أن تطلعاته كانت محاصرة بذلك الواقع الرديء.

***

ـ ( س ) ـ روايتك الأخيرة ” الروائيون ” تقع أحداثها في فترة الستينات نفسها وتصف وضعاً معيناً للشباب اليساري في مصر .فهل تعتبرها استمراراً لرواية ” السؤال ” ؟

ـ ( ج ) ـ ” الروائيون ” وإن كانت تصف وضعاً معيناً للشباب اليساري ماقبل ومابعد 1967 إلا انها تنفصل تماماً عن رواية ” السؤال ” . وكلا الروايتين بحاجة إلى جزء ثالث

(لقد قال غالب ذلك دون أن يعلم ان صدى تلك العبارة سيظل معلقاً في أذهاننا وبأننا سنظل نبحث عن الجزء الثالث للروايتين ولن نجده ) . واسترسل قائلاً : في ” الروائيون “

يبدو المصير القومي المأساوي في مصر عام 1967من خلال الأحداث الهامة التي تعرضت لها مصر في هذه الفترة , ومااستفحل فيها من فساد وانهيار للديموقراطية , معتمداً على شريحة مثقفة , جسَّدت صورة المثقف العربي . ومزجت بين التاريخ الشخصي والعام , معتمداً على جغرافية المكان وروح الأشياء.

للحديث بقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى