محيي الدين الوكيلي
نهاية الليل أم بداية الصباح، لا يهم، الأكيد أن سيارتي الصغيرة تحملني و أمين و إيناس إلى مدرستهما. بين تمارة و الرباط أقف بالسيارة على جانب من جنبات المدار الطرقي، أحاول المرور بسيارتي الصغيرة دون جدوى، كلما حاولت نهرني أحدهم بقوة أضواء سيارته أو بصوت بوق مركبته الرباعية. يمر الوقت، ويزداد الضغط، أمين و إيناس لا يريدان الوصول متأخرين وأنا لا حول لي أمام هذا السيل الجارف من السيارات، يزداد الضغط أكثر وأصوات “الكلاكسونات” تسمع من ورائي احتجاجا. الغاضب منهم والمتعاطف سيان. طول و قوة الصوت وحدته وحدهما كانا لغة التواصل بيني و بين الآخرين:
– زعم أصاحبي
– ما هذه السياقة؟
– زيد أو أفسح الطريق
كان هذا لسان حال أصحاب السيارات المحتجزين وراء سيارتي الصغيرة. يزداد الضغط أكثر، أحاول انتزاع مكان داخل المدار بتردد. تأتيني تشجيعات أمين و إيناس:
– ازعم أ بابا
أشحد هممي، أستغل فرصة مساحة صغيرة بين سيارتين متتاليتين، أتقدم بسرعة، صاحب السيارة المتأخرة يزيد من سرعته و كأننا في سباق قد ينتهي بهزيمته، هكدا بدا لي من تصرفه، أحسست بنوع من الهلع وأنا أنظر إلى مركبته الرباعية قادمة نحو سيارتي الصغيرة، لعنت في نفسي قلة سلوكه المدني، أدرت المقود بسرعة غير متوقعة كي أتفاداه، حمدا لله أنني وسيارتي الصغيرة بخير، بشكل تلقائي نظرت عبر المرآت العاكسة. كان يلوح بيديه و يتلفظ بكلمات غير مسموعة، خلته يقول:
– يا البقر، اللي قدر يدير كريدي أصبح يشتري له برويطة و يأتي ليزاحمنا.
عدت بنظري إلى السيارة، تفقدت الجميع ، الكل بخير، كانت لحظة مفزعة جدا ولكنني مررت عبر المدار. أحسست بنوع من الفرح و النشوة زاد من حلاوتها فرح أمين و إيناس.
بسرعة استعدت توازني وعدت إلى الواقع، لم ينتهي الأمر بعد، غدا سيكون لي ولسيارتي الصغيرة امتحان آخر في نفس المدار.