أدب

مِن رَحْم ِ المَأسَاةِ وُلِدْنا

شعر : د.حاتم جوعيه – فلسطين
تشرَئِبُّ عيونُ الموتِ نحوَ أمالي وأحلامي الجميلهْ
وَأرَى الأغاني تُصلبُ على شرفاتِ الحُزنِ المُلتهِبَهْ
أواكبُ السنينَ الحُبلى بالكلماتْ أغازلُهَا الحياة ْ
وَأتركُ بصَماتي مُدَوِّيةً في هذا الوجودْ
أموتُ وَأحيَا ، وأصلبُ وَأحرقُ وَأدفنُ ، وأبْعَثُ من جديدْ
كلُّ الزهور ِ الحَاصَرَتْهَا الرِّياحُ عانقتني
كلُّ البلادِ السُيِّجَتْ بالدُّموع ِ والآهاتِ والذكرياتِ شرَّدتني
كلُّ الغيومِ والحقولِ والورودِ والسَّنابلِ والجَدَاولِ خبَّأتني …
.. كتبَت إسمي فوقَ ظلالِهَا وَخلَّدتني للأبَدْ
يا طائري الجميلَ بالأمسِ كنتَ تُغازلُ الفجرَ البهيَّ والسُّهولَ
والغاباتِ والضَّفافَ النائيهْ
وتزرعُ الحُبَّ في كلِّ وادٍ كئيبٍ وبكلِّ أرض ٍ وَاعِدَهْ
طرَّزتَ للغدِ الآتي مناديلَ السَّفرْ
وأخَذتَ مِنَ الشَّمسِ وشاحًا والقمَرْ
يا زورقا ً تاهَ عِبرَ الخِضَمَّاتِ والمُحيطاتِ المُظلِمَهْ
يا نبعَ أحلامي وحُبِّي وَمِرآة َ آهاتي… يا قِبلة َ روحي الشَّاردةِ
في صَحاري القهر ِ ومتاهاتِ القدَرْ
عَطَشُ الرِّمالِ أتى على دربي في غضبةِ الزَّمنِ الهستيريِّ
المُتوَثِّبِ للنوائبِ والرَّزايا
وسِياط ُ الحقدِ تلسَعُ جَسَدًا نحيلاً تلفَّعَ بالأماني
مُتشوِّقا للشَّمسِ والضياءْ
قد وَأدُوا حتى الورودَ والأغاني
ومزقوا خيوط َ الرَّجاءْ
يا حُبِّي الرَّاحِلُ سأقاومُ إلى الزَّبَدِ الأخيرْ
ستلمُّ الرُّوحُ حشاشتها … بقاياها وتمشي نحوَ أغنيةٍ بعيدَهْ
ستخرجُ من عتمِ الزَّنازينِ صرختي لتهزَّ العالمَ من جهاتهِ الأربع ِ
وتنيرَ دربَ العاشقينَ النازحينْ
ستنتصبُ قامتي ماردًا على طولِ الدُّروبِ المُوْحِشَهْ
أنهارُ الدِّماءِ تُخَضِّبُ وَجْهَ مدينتي
يا مدينتي مهما يِطلِ الظلامْ
فسيعودُ إليكِ الأمنُ والسَّلامْ
سَأغنِّي للكفاحْ
رغمَ هولِ الجراحْ
لن ينكسرَ عُنفواننا
لن ُتنكَّسَ راياتُنا
مِن رحم ِ المأساةِ وُلِدنا ورضعنا من ينايبع ِ الفداءْ
وَدَرجنا صبيةً بينَ البراكينِ واللظى والرَّماد
ونزعنا عن جفونِ الأرض ِ الشَّوكَ والقتادْ
إنَّني مِنَ الشَّعبِ الذي تعمَّدَ بالدِّمَاءْ
كلُّ الجراح ِ العانقتني في صَمتِ الظَّهيرَهْ
تمدُّ لي جسرًا إلى بابِ النهارْ
حفرتْ شكلها وظلَّها فوقَ صدريَ العاري
صنعَتْ منِّي آلافَ القذائِفِ والشَّظايَا
لميادينِ القتالْ
لأحلِكِ يا دُموعَ الطُّهْر ِ
يا دموعًا تزرعُ فيَّ عَزمَ التَّصدِّي والثَّبَاتْ
لأجلكِ سوفَ أقتحِمُ المستحيلَ وأصنعُ المُعجزاتْ
لأجلِكِ سوفَ أصلبُ على بوَّابةِ النهَارْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى