قراءة في مجموعة “كبرت كثيرًا يا أبي” للشاعر اليمني عبد المجيد التركي
بقلم : عبد الغني المخلافي
منذ أن قرأت شعر الماغوط، ورياض الصالح الحسين، وعدنان الصائغ في قصيدة النثر، لم أجد أي عمل شعري يهزني، إلى أن هزتني في الأمس واليوم مجموعة الشاعر عبدالمجيد التركي ،و التي قرأتها ثلاث مرات، وفي كل مرة يزداد عطشي، ولا أشبع من حلاوتها ودهشتها.
المجموعة تأتي ب 162 صفحة، في مقاطع متسلسلة تحت عنوان (كبرت كثيرًا يا أبي)، وبهذا العنوان يؤكد عبدالمجيد التركي كبره وتفرده في الإبداع وقدرته على التحليق، والأخذ بعطشي كقارئ إلى كؤوس مترعة بالشعر البسيط والطافح بالإحساس الصادق ، العميق، الملتقط للتفاصيل الصغيرة والكبيرة منذ الصغر والمرور في مراحل العمر وتقلبه وتأرجحه،والثقافة الواسعة والرهافة في الحس، والخفة في الروح
وأنا أغوص في المجموعة وجدت نفسي أضحك أحيانًا، وأشهق تارة من الانداهش، و طورًا أتوقف عن القراءة من الأثر النافذ إلى أعماقي كموجة ضاربة؛ وما أن ينحسر حتى أعود إلى الغوص والإبحار، ولا تكف النصوص عن إدهاشي والذهاب بي في عوالم لا أرجو العودة منها .
وجدت “عبد المجيد” المتحدث عن الطفولة والمراهقة وعن العمر في الأربعين، والتشبع بالنضج والتجارب، وعن واقعنا المعاش بشاعرية نادرة. لقد تجلى الشعر لي ببساطته. يمنح الأجنحة ويضحك ويستدر الدموع من الكوامن. وما مدى صعوبة توفره فيما نقرأه وفيما نحاول كتابته. إنه الذهب المصفى من كل المعادن، النبيذ المعتق من مئات السنوات، ما أن ترتشف قليلاً منه حتى تثمل ولا تكف عن الترنح.