لغز الحياة وسرها
نزيه حسّون | فلسطين
لغزُالحياةِ وسحرها يُغريني
وتظلُّ رغم غموضِها تَسبيني
حينًا تُطارحني الغرامَ برقةٍ
طَوْرًا بجمرِ جحيمِها تَكويني
تُهدي اليَّ السعدَ إن هيَ أقبلت
وإذا بيومٍ أدبَرت تُبكيني
يَممتُ أرتادُ الأمانَ بَحضنِها
فوجدتُ سَهمًا قاتلًا يُدميني
مهما الحياة تعاظمت بجمالها
يوما لأحضان الردى تُلقيني
يا ربُّ ما سِرُّ الحياةِ ولغزها
هَلَّا شفيتَ تَساؤلي وجنوني؟
ظمأٌ يُشقِقُ مهجتي وجوارحي
مَن غَيْرَ ينبوع الهوى يرويني؟
لاشئ غير الحب يُسعفُ مُهجتي
فالعشق دربي في الحياةِ وديني
ولكم رويتُ الناس ماء محبةٍ
وحضنتهم بجوارحي وجفوني
ولكم وهبتُ الناس خَفقَ لواعجي
لكنَّهُم بالدَّمع والأحزان جازوني
فالحبُّ حتى الحبّ رغمَ جمالهِ
دومًا بألهبةِ النَّوى يكويني
إني أفكرُ في الحياةِ وسرّها
وجَمَالها الفَتَّان …والتَّكوين
سَحرُ الإلهِ مصورٌ بهِضابِها
وعلى الضفاف أزاهر النسرين
وكأنها أيآت سحرٍ رُتلت
وإلى رِحاب الله تُدنيني
هذا الجمالُ مِنَ الإلهِ مُنَزَّلٌ
يُهدي العبادَ روائعَ التكوين
فَلِمَا الحروبُ تشٌبُّ في أوطاننا
وإلى متى بِلهيبها تَصليني
عبثًا يرومُ الغاصبون تَشَرُّدي
عبثًا أرادوا مَصرعي تَدجيني
ما زلتُ أحتضنُ الترابَ تشَبثًا
أفدي الثَرى بجوارحي وعيوني
هذي جذوري في الترابِ تجذّرت
وبقيتُ كالزيتون في فلسطيني
أُصغي لموسيقى الحياة وَوقعها
وَلَكَم ثملتُُ بروعة التلحينِ
هذا الجمال يكاد يسلِبُ مُهجتي
ويفوقُ كل توقُّعي وظنوني
وَقعُ الشتاء يعيد حلمَ طفولتي
ويزيد وَهجَ تأوهي وحنيني
إنَّ الحياة وإن تجَهم وَجهَها
سيظل سحر جمالها يسبيني
فأنا المريضُ بسحرها وسَنائها
مَنْ يا تُرى من دائها يَشفيني
هل يا ترى سَبَب العذاب جنونها
أم يا تُرى سبب الشقاء ظُنوني
ان كان فكر العقل سِرّ شقاوتي
سيكون سِرّ سعادتي بجنوني
مرَّت سنين العمرِ مثل لُحَيظَةٍ
وَغزا بياضُ الشيبِ نور جفوني
ذَبُلت أزاهيرُ الشباب بمُهجَتي
وَلَوَت رياحُ العمر غصن سنيني
فطفقتُ أبكيها الحياة بِحُرقَةٍ
ومرارةٍ قلبيَّةٍ … تَكوِيني
سأُودعُ الأحباب إذ حلًّ النّوى
فالروح رامت خالق التكوينِ
يا أرض إني في غرامكِ مدنفٌ
فإذا قضيتُ إلى الثرى ضُميني
إني رثيتُ أحبتي يومَ الردى
من يا تٌرى يوم الردى يرثيني؟
إنِّي أُفلسفها الحياة بجملةٍ
“في كلِّ يومٍ للردى تُدنيني”