أدب

شاهد واقرأ واستمع للشاعر محمد القاضي

مؤتمر شعري بمحافظة كفر الشيخ في ضيافة الشاعر الكبير والإنسان الدكتور جمال مرسي

(1) صوت من نبي

كيف السبيل إذا دعوتك مرة
والروح ظمأى ثم لم تصغي إليِ

هل يستقيم بنا المسار ونبضنا
قد صار بين ضلوعنا كالأجنبي

كم تحسبين بأن سأبقى صامدا
وأنا ومن بعد انطفائك ظل حي

قد غبت لكن في حقيقة أمرنا
اللوم ليس على غيابك بل علي

فأنا طرحتك للذئاب فريسة
وأنا أبحتك للسفيه وللغوي

وأنا غفلت عن الحصون وحقها
مني الدفاع المستميت العنتري

فأتى السواد على ديارك طاويا
وجه النهار وقد تألق شر طي

وأناخ في عين الضياء ركابه
فأحال أعراس الضيا أنقاض ضي

لا نام جفن للسواد إذا محا
من صبحك الفجر العريض المشرقي

أنت الكريمة لا يمس رداؤها
أنت النقية في زمان لا نقي

جاروا عليك ومن عليك تجرءوا
أذناب قبح صاغه قلب شقي

نصبوا الفخاخ وحال دون جوازها
مكر يؤجج ناره حقد غبي

نهشوا التفاصيل الصغيرة كلها
ما لاح فجرا أو تخفى بالعشي

لو يكتفون بما يطيب ويشتهى
لكنهم نهشوا الحطام وكل شي

يا حسرة الصبح الذي من شؤمه
تاه الضياء بجانب الليل القصي

هم لا يريدون انطفاء عابرا
هم يبحثون عن انطفاء سرمدي

فلتنظري أين الطريق يقودنا
ما عاد ما يرجون بالسر الخفي

هل تقبلين الموت دون جناية
هل ترضخين لبائع الوهم الدعي

لا تسدلي الآن الستار فحلمنا
ما زال يحيا نابضا بالروح في

ثوري على صوت السراب وقاومي
حتى يؤذن فيك صوت من نبي

(2) ليالي السهر

قضيت الليالي أناجي هوايا
ويغفو على راحتيّ السهر

حديثي عبير يطوف البرايا
يهادي جمالا خدود الزهر

وقلبي يفتش بين الصبايا
عن البدر فازت بأحلى الصور

وروحي استجارت بظهر المطايا
فمنت عليها بطول السفر

أنادي حبيبا قريبا بعيدا
كما الشمس في فلكها والقمر

أمني فؤادي بوصل تطيب
به الأمسيات ويحلو السمر

وما من أنيس وما من جليس
سوى عائذات الندى بالشجر

تعالى ندائي فرق الحبيب
لقلب بشوق إليه انفطر

أطلت ببدر بدا من خمار
وثغر فداه النسيم العطر

وقالت تجمل بصبر قليل
سيأتيك مني الغداة الخبر

فأنى لمثلي بصبر عليها
وهل من محب سلا أو صبر

وكيف انتظاري لصبح قريب
وقلب جريح هنا يحتضر

أليلى أجيبي لقد طار عقلي
وهذا فؤادي طواه الخطر

فإما أذنت اعتلينا نجوما
وإما أبيت التزمنا الحفر

فلما أذل الكريمات دمع
كغيث من المعصرات انهمر

وأمسى هلاكي وشيكا جليا
لمن ساق طرفا وألقى النظر

برفق تدلت رويدا رويدا
وراحت تلملم لي ما انكسر

وقالت فديتك هل من مناص
ودمعك أرق قلب الحجر

فدع كل شيء وأقبل بشوق
إلى كأس عشق خلت من كدر

تذوقت منها عبيرا شهيا
وعذبا نقيا كماء النهر

وأطرقت فيها مليا مليا
إلى أن تعالى نداء السحر

فقالت بصوت خفيض حبيبي
لقد أوشك النجم أن يستتر

فهيا نلملم نجوم الأعالي
ونغزل ضياها عقود الدرر

فرحنا نسافر عبر البرايا
وبين النجوم وتحت المطر

نثرنا ورودا على كل شيء
على راسيات على من عبر

فرشنا الممرات نجما وزهرا
فغنى ربيع الدنا وازدهر

رسمنا وجوه المحبين فرحا
فما من خلاف وما من ضجر

وقلنا لصبح تمهل قليلا
أو اطلب سماء وأرضا أخر

فإنا عشقنا هدير الليالي
وبدرا بوجه بشوش ظهر

ظننا بأنا ملكنا هوانا
وراق الزمان وطاب القدر

وقلنا سنبقى معا في وئام
إذا ما زمان صفا أو غدر

فلما أفاق النهار افترقنا
تلاشى حبيبي وضاع الأثر

كأن التي قد طوتها الليالي
بقايا خيال خبا وانحسر

وما طيف ليلى كليلى ولكن
من الطيف طيف يحاكي البشر

فيا طيف ليلى تشفع لديها
لكم سوف أبقى هنا أنتظر

لقد فات عمري وما من غداة
أتاني من المستبد الخبر

فقل لي بربك أين الليالي
وأين الأماني وأين العمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى