اللَّيلُ والذِّكرياتُ الِبيضُ والأرَقُ

محمد العياف العموش |الأردن

من طرفِ الكرة الأرضية الآخر، أستراليا ، حين اقترفتُها :

اللَّيلُ والذِّكرياتُ الِبيضُ والأرَقُ
وَشَمعةٌ من بقايا الرُّوحِ تَحترِقُ

وَوَجْهُ أمّي وألعابي ومَدرستي
ومُدنَفٌ شَدَّهُ عن مَوتهِ رَمَقُ

حَبَستُ وَجهيَ في مرآةِ ذاكرتي
طِفلاً يُغافلني حِيناً فَينعَتقُ

خُذوا الثّلاثينَ من عُمري بما حَفِلَتْ
فقد تَمَرَّدَ طفلٌ في دَمي نَزِقُ

تَوَقُّدُ الشّيبِ في فَوْديكِ لَوّحَ لي
أمّاهُ اذْ شَتّتْ أقدامَنا الطُّرُقُ

فَيالقُ الشّوقِ في داجي الظّلامِ غَزَتْ
قلباً أُبيدتْ على أسوارهِ فِرَقُ

مَدَدتْ جِسراً مِنَ الآهاتِ ، عَبّدَهُ
نبضي وَجِئتُ انا والطِّفلُ نَستَبقُ

سَرَيتُ ليلاً الى أحضانِ قريتِنا
والهَاديانِ عُيونُ الزّهرِ والعَبَقُ

تغفو على شَاهقِ الأجبالِ وادعةً
كأنّها غادةٌ طَالتْ بها عُنُقُ

نَثَرتُ عُمري على زَيتونِها ألقاً
فدىً لِمنْ حفظوا عُمري ، وَمَنْ سَرقوا

يا أنتِ ، يا نَكهةَ الأحلامِ ، يا وَجَعاً
يَدُقُّ بابَ غِواياتي فَنَعتَنقُ

شَرِبتُ مِنْ كَفِّ أمّي عَذبَ ذاكرتي
انّي بغيركِ يا أمَّاهُ لا أثِقُ

ضُمِّي الصّغيرَ الذي أطلقتِهِ قَمَراً
بلا سَماءٍ ، فَسِجنٌ حيثُ يَنطلقُ

رُدّي الى قَلبهِ المُضنی طُفولتَهُ
يَكادُ منْ وَطأةِ الأعوامِ يَنسَحِقُ

وأدخلي كَفّكِ المَعروقَ في رِئتي
وأسعفيني فانّي كِدتُ أختَنِقُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى