أدب

بُكاءٌ يملأُ عليه حياتَهُ


شعر: خالد أبو العلا – مصر

الرجلُ الذي يكتبُ الشِّعرَ

دونَ ابتسامةٍ واحدةٍ

والذي يظهرُ بكاملِ حُزنِهِ صباحَ مساء

تقولُ جارتُهُ العجوزُ

أنَّهُ أحزنُ أهلِ الأرضِ جميعًا

وأنَّهُ لولا إسرافهُ في إنفاقِ الحُزنِ على أصدقائِهِ

لكان عندَهُ من الحُزنِ

ما يسعُ الناسَ جميعًا

غيرَ أنَّهُ منذُ ماتت أُمُّهُ

كان يستعيرُأحزانًا صغيرةً مِنِّي

وللأمانةِوإبراءً للذمَّةِ

كان يردُّها في موعدِها

دونَ نقصٍ أو مُماطلةٍ

إلَّا أنَّهُ منذُ قصيدةٍ رثائِهِ العموديَّةِالطويلةِ

بدأَ يتأخَّرُ في سدادِ ما عليهِ من حُزنٍ لي

ثم ما لبثَ أن امتنعَ كُليَّةً عن رَدِّهِ ولو ناقصًا

أو حتى على دفعاتٍ صغيرةٍ لا تُرهقُهُ

فاحتسبتُ ما لم يرُدّ صدقةً جاريةً على روحِ أُمِّهِ

إذ كنتُ أمنحُهُ الحُزنَ دونَ انتظارِ أن يرُدَّهُ

فبدا لي مَرتاحًا وحزينًا كسابقِ عهدِهِ

والآنَ أنا قد بلغتُ من الحُزنِ عِتيًّا

ورُبَّما أموتُ فجأةً

لذا سأُوصي لهُبكُلِّ الحُزنِ الذي أملكُ

فليس لي من أحدٍ يرثُني

وسأصُرُّهُ في عباءةِ بُكاءٍ ذي غُصَّةٍ

بُكاءٍ يملأُ عليهِ حياتَهُ

ويُغنيه عن سؤالِ الناسِ

أعطوهُ أو منعوهُ

فلا يستدينُ حُزنًا

-ولو يسيرًا-

من أحدٍ بَعدِي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى