دروب الصَّبر
علي موللا نعسان | سوريا – النرويج
جَفا البِلادَ عُيونٌ صابَها رَمَدٌ
إذ هاجَها شَوْكُ غَدْرٍ حاطَ مَرقَدَها
^^^
و شَلَّ حَيْصَ الأذى عَنْها قَذى كَدَرٍ
قَدْ شاكَهُ لُغْزُ بؤسٍ باتَ يُرْشِدُها
^^^
و الرُّوحُ هلَّتْ تُعادي وعكةً جَحَدَتْ
على عُرىً لَفظَ أَنفاسٍ تُرَدِّدُها
^^^
وَ النَّفْسُ هامَتْ على طِلاوَةٍ في عُنُقٍ
يُسامِرُ الوَجْدَ و الإحساسُ يَمْرُدُها
^^^
وَ العَيْنُ زاغَتْ عَن الأَوْهامِ في تُرَبٍ
تُداعِبُ الوَعْدَ و الأَضفارَ في يَدِها
^^^
عَيْشٌ تَجَلّى عَلى حُلْمٍ رَوى حِكَماً
تُوامِقُ العَقْلَ و المَرْحى لِمُنْجِدِها
^^^
يَرْقَى إليها جمالٌ في حُضورِ نَدىً
يُهامسُ الشَّتْلةَ المُثلى بِسُؤْدُدِها
^^^
وَ الوجْدُ حَنَّ إلى كياسَةٍ غَمَرَتْ
طُيوبَ شوقٍ إلى زُلفى تُخَلِّدُها
^^^
وَ العقلُ شنَّ على أَوْهامِ مأْرِبِها
شرارةً حاصرَتْ أحْلامَ مَوقِدِها
^^^
تاهتْ صَحارى نُهى فِكْر ٍ على مَدَرٍ
مِثْلَ الجِمالِ رَسَتْ في عُقْرِ مِرْبَدِها
^^^
تُساحِنُ المَجْدَ و الأنسابَ قاطبةً
نَحْو الرَّدى في عُرى زَرْدٍ يُقَيِّدُها
^^^
و الذُّعْرُ قَدْ هاجَهُ نَبْضُ الشُّعورِ على
عُمْقِ المَشاهِدِ في مَنْفى يُشَرِّدُها
^^^
و الصَّبرُ هَزَّ مَزايا مُرْتجى سَعْدٍ
و الفِكْرُ وشَّى على ما بثَّهُ مْقْصَدَها
^^^
أعتى الوباءُ ديارَ الكَوْنِ في حَزَنٍ
و نابَ عنْ زُهْدِ نَفْسٍ ما يُهَدِّدُها
^^^
و الغَدْرُ حابى مَطايا وَحْشَةٍ جَثَمَتْ
و القَبْرُ أغرى عُرى مَشْفى يُضَمِّدُها
^^^
قد أشْجَبَ القَلَقُ الساري هُدى دِعَةٍ
و تاهَ عَنْ حِكْمةٍ ما قد يعي غَدَها
^^^
ففي المدائِنِ أوجاعٌ رَمَتْ سَقَماً
وفي القُرى هاجَمَتْ ماكان يَجْحَدُها
^^^
قدْ قُلْتُ حِينَ توالى الدَّمْعُ في نُقَبٍ
مَنْ ذا الذي يَصْنَعُ الحُسْنى فَيُرْشِدُها
^^^
إذ نابَ عنْ شَجْوِ روحٍ ما يُحَفِّزُها
و النَّفْسُ ثارَتْ على بُغْضٍ يُهَدِّدُها
^^^
سَيَسْعِفُ الخالِقُ الباري قُرى أَملٍَ
قد هُجِّرَتْ بِرحْمةِ آياتٍ تُؤَيِّدُها
^^^
صَبْراً على صَبْوةِ الأَشْجانِ إنَّ لَها
عُقْبى على شَجْبِ نُضْجٍ في تأَبْجُدِها
^^^
فالأَرْضُ في وَسَطِ الآلامِ قَدْ غَمَطَتْ
جُرْحَ الحِمى في بَرىً أضْنى تَأَسُّدَها
^^^
هبَّتْ ذِئابُ دُجى لَيْلٍ عَلى صَخَبٍ
إِذْ هاجَها فَجْرُ يومٍ جاسَ مِحْصَدَها
^^^
فهاجَمَتْ تقْتفي عَبْرَ المَدى زُمَراً
مِثْلَ اللُّصوصِ تَمي في ساحِ مَرْصَدِها
^^^
و قَدْ توانى الضَّنى في ردعِ مِخْلَبِها
حيالَ جأشٍ وَعى شَأواً لمَشْهَدِها
^^^
قَدْ أجْفَلَ الكاهِلَ الراسي عُرى جَلَدٍ
يَمْضي إلى مُقلٍ تَقْفو تَمَرُّدَها
^^^
إنَّ الدِّيارَ و إنْ جابَ الرَّحى حَذَرٌ
فالقَهْرُ ماضٍ عَلى آمالِ مُفْسِدِها
^^^
يَرْقَى إليها ذهولٌ مِنْ صَهيلِ رُؤىً
تُواجِهُ الطَّامَةَ الكُبْرى فَتُقْعِدُها
^^^
يَصبو إلَيْها جُموحٌ في رؤى جَدَدٍ
يَنْسابُ في لهفةٍ يَبغي توسُّدَها
^^^
إنَّ المَشاعِرَ قَدْ سارَ الطُّموحُ بِهِا
و قد سبى هاتفٌ في الروح يَسْنُدُها
^^^
كأنَّ شَوْقَ اللُّقى تَقْتادُهُ عِبَرٌ
إلى مُروجِ السُّوى فيما يُجَدِّدُها
^^^
يَمضي إليها غريمٌ في حُضورِ وَغَىً
أصابَها سَهمُهُ في صَدْرِ مَعْقِدِها
^^^
و النَّفْسُ ماجَتْ مِن الإِصْرارِ في قِيَمٍ
حينَ الوعودُ وَعَتْ إضْفاءَ تَهَجُّدِها
^^^
كَأَنَّ فيها رَحيقٌ سامَهُ عَسَلٌ
في خافقٍ حَصِفٍ يَهْوى تَوَدُّدَها
^^^
يَسْعى إليْهِ الكَلامُ في حِجا لُغَةٍ
أنارَها اللاعِجُ الوافي لِيُرْشِدَها
^^^
و قَدْ هَفا العِطْرُ في أَحْضانِ مِغْزَلِها
و الخُبْزُ ضاجَ على نيرانِ مَوْقِدِها
^^^
إنَّ القلوبَ و إنْ زَكَّى الهُدى دَمَها
فالطُّهْرُ ساعٍ إلى فَحوى زُمُرُّدِها
^^^
تَحُطُّ طيباً على أنحاءِ مَوْكِبِها
فَيَرْتَقي كُلَّ أَمْرٍ في تَجَلُّدِها
^^^
و الصَّمْتُ في زحمةِ الأفكارِ يُبْهِجها
من التَّبَخْتُرِ فالإِحْسانُ مَقْصَدُها
^^^
فَمِنْ عَبيرِ الوَمى تَنْسابُ أُغْنِيَةٌ
بِها طُيوبُ نَدى الأشْعارِ تَرْفِدُها
^^^
قَدْ أَلْهَمَ العاشِقُ السَّاعي جَنى مَطَرٍ
وَ قَدْ تحابَتْ غُيومٌ في تَلَبُّدِها
^^^
وصارَ مَرامُ النُّهى يُضْفي المنى عَجَباً
من التَّغَنِّي عَلى إتقانِ أَثْمَدِها
^^^
فَفي أَديمِ النَّوى صادَ الهَوى كَبِداً
قَدْ حابَهُ مُلْتَقى الإحساسِ في يَدِها
^^^
و جالَ يديمُ الرَّنا و الرُّوحُ قدْ هَجَعَتْ
من الحُنُوِّ على مَرأى تَوَدُّدِها
^^^
مثلَ الصُّقورِ سعى يرجو سُوى هدفٍ
و قد تَهادَتْ رؤى شوقٍ لمُسْعِدِها
^^^
إنَّ العيونَ و إِنْ جاسَ البريقُ بِها
جَلا التَّحَدِّي عَلى أجْفانِ مَقْصَدِها
^^^
إذ راعَها لَحْظُها في دَفْقِ مَوْكِبِها
و حسرةٌ هَمَسَتْ في طُهرِ مَوْعِدِها
^^^
تهافتتْ في سُهولِ الليلِ حالمةً
على تراب الحِمى تَقْضي تَهَجُّدَها
^^^
والفجرُ أضحى يواسي بسمة هَرَعَتْ
وقد أناخَ عَلَيْها فَأْلَ فَرْقَدِها
^^^
خُطواتُ روحٍ طواها الهَجْرُ في وَطَنٍ
و الصَّبْرُ قد جاسَها حتَّى يُسَدِّدَها
^^^
أينَ العُقولُ التي بِالفَهْمِ أحْسَبُها
عبرَ الدهورِ و قد قادَتْ تأبْجُدِها
^^^
على صُوى عالمٍ تُضفي الثَّرى أمَلاً
قَدْ حاسَهُ رَعْسُ حزمٍ جاءَ يُسْعِدُها
^^^
فيا لسَعْدِ الجَوى المُجْتاحِ مُهْجَتَها
عبْرَ الشُّعورِ الذي قدْ أَجَّ مَوقِدَها
^^^
و يا لوجدٍ تَسامى في البَرى قُدُماً
عَبْرَ الدُّجى نحْوَ وَعْدٍ رادَ يَعْضُدُها
^^^
فَلَنْ يُشادَ الهُدى من عُصْبةٍ غضبتْ
إن قادَها في الوغى منْ عاثَ مَسْجِدَها
^^^
و الفكْرُ راحَ يُباهي الرُّوحَ في خُلُقٍ
أهْدى جَبينَ الوَرى سِرَّاً يُخَلِّدُها
^^^
و الهجرُ داسَ على تَغْريبَةٍ تَرَكَتْ
عَلى طُروسِ الحمى ذِكراً يُفَنِّدُها
^^^
و الوَعْدُ ماجَ على الأَحْلامِ في مُقَلٍ
يَرنو إِلَيْها المُنى إنْ رادَ يُسْعِدُها
^^^
قَدْ يُزهدُ الشَّاعِرُ الهادي بِلَوْعَتِهِ
صَدىً يحومُ على الذِّكْرى فيبعدُها
^^^
خَيْرُ القَلائِدِ في الأيامِ أَرْفَعُها
وَأَفْضَلُ العَيشِ فيها نُبْلُ مَقْصَدِها
Ali Molla Nasan