الحُبُّ عَمَّدَني إلهًا

الدكتور حاتم جوعيه  – المغار – الجليل – فلسطين

في  البال ِ تبقى  نغمة ً سكرى فتأخُذني إليها  حالمًا وتشُدُّني

سَحَرًا  إلى بابِ النَّهَارْ

تتماوجُ  الأفكارُ في  خَلدِي … أرى  صُورَ الأحِبَّةِ  والدِّيارْ

يا نجمَة َ  الصُّبح ِ الأخيرة  حُلمَ  زهر ِ الياسمينْ

ونشيدَ  كلِّ  العاشقينْ

ماذا يُخبِّىءُ  لي الغدُ  المَجهولُ في دُنيا التمنِّي  غيرَ أهوالِ  احتضارْ

هذا أنا كالطَّودِ أبقى صامِدًا في غضبةِ الرِّيح ِ العنيدةِ … شامِخًا والزَّمْهَريرْ

وضعُوا الصَّليبَ على جدارِ الموتِ  وتنزاحَ السِّتارْ

أدُمُوعُهَا  البيضاءُ  في السَّاحاتِ  أمْ  هذي  دُمُوعي!؟

يا  ليتني أدري  بمسراهَا وأسبابِ  الرَّحيلْ

ما عادَتِ  الآهاتُ تنفعُني ولا الأنسامُ  تُحييني ولا الأنغامُ  تسليني

ولا  خمرُ  الجرارْ

كلُّ  القطاراتُ القديمةِ وَدَّعتنمي  غبرَ أنِّي  لم اوَدَّعْ  غيرَ نفسي

كتبتْ  أغانيها  الطيورُ على ثغور ِ الياسمين ْ

فتناثرَتْ  دُرَرُ  العيون ِ وعانقتْ دمعَ  الحَمامْ

والليلُ  خَيَّمَ  فوقَ هذا  الكون ِ  وارتحَلَ  الغَمَامْ

الصَّمتُ أطبقَ ، والأنامْ

رقدُوا   فكلُّهُمُ    نيامْ

الحُبُّ يكبرُ رُغمَ ريح ِ الموتِ … يكبرُ  في  الخيامْ

والرِّيحُ  تهربُ  ثمَّ  تخفي  عارَها خلفَ  الأكامْ

والبحرُ  يزخرُ  بالهَدير ِ  وبالحِمَامْ

والمَوجُ   يعلوهُ   الزَّبَدْ

طالَ  المَسيرُ  وَأضرِمَتْ   نارُ  الكَمَدْ

يا  أيُّها الحُبُّ  المُكفَّنُ  بالأماني  والسَّرابْ

فمتى الرَّحيلُ إلى  نوافذها وقلبي أنتَ  أدرى بالجَوابْ

فقلاعُهُمْ  قد  أوصَدُوا من  خلفها عشرينَ  بابْ

مليونُ سهم ٍ شدَّ  خاصرتي  إلى  رحم ِ التُّرابْ

فوضَعتُ أكفاني على جسَدٍ  تعَمَّدَ  بالأزاهر ِ والورُودْ

وطرَدتُ  أشباحَ   الضَّبابْ

يا  أيُّهَا  القمرُ  المُشَرَّدُ  والمُعَذ َّبُ في  الحِصار

هلا َّ  سنرجعُ   للوَطنْ //  هلا َّ  سنرجعُ  للوَطنْ

سنعودُ   لوْ .. لوْ  في  كفنْ

جُرحان ِ نحنُ نقاومُ  الظُّلمَ الرَّهيبَ ، نسيرُ في ذاتِ الإطارْ

جُرحان ِ حط َّ بنا  المسيرُ على السَّفينةِ ثمَّ  سِرنا رحلة َالعُمر ِالطويلةِ

لا   يُجارينا  القطارْ

الحُبُّ  يأخُذني بعيدًا ثمَّ  يغرسُني سنابلَ من  حنان ٍ

فوقَ  أشلاءِ  الدِّيارْ

كنَّا على شط ِّ الحياةِ زنابقا تعِدُ الأحبَّة َ بالأماني والوُعودْ

صوتان ِ في أفق ِ الزِّحام ِ وغيمتانْ

الحُبُّ جامعُنا وقائِدُنا  إلى وطن ٍ تخضَّبَ بالدِّماءْ

والحُبُّ رائِدُنا إلى  الفجر ِ المُشَعشَع ِ بالضِّياءْ

ضوآنِ في هذا الفراغ ِ وخيمتان ِ بوجهِ ريح ٍ عاتيَهْ

فنضمُّ زهرَ الياسمينْ ..

ونلمُّ  دَمْعَ  النّازحينْ

شُبَّاكَهَا المَوصودَ  إنِّي قد خلعتُ بوجهِكَ الفضِّيِّ مليونَ  انتظارْ

فغرامُهَا في القلبِ حيٌّ  لا  يموتُ  يُعيدُ  لي أملا ً تلفَّعَ بالسَّرابْ

الحُبُّ  عَمَدَني ألهًا في دُروبِ الموتِ حَمَّلني صَليبَ الرَّبِّ فوقَ الجُلجُثهْ

فأنا  نبيُّ  البائِسينْ

وَمَسيحُ  هذا  العصر ِ أنبىءُ  بالخلاصْ

وَنبيُّ   كلِّ  الثّائِرينْ

الحُبُّ يكبرُ في  فؤادي ألفَ عام ٍ .. ألأفَ عام ٍ .. في النَّهارْ

وَسَيغمُرُ  الوادي  الكئيبَ  ضياءَهُ  السِّحريُّ  يجتاحُ   القفارْ

إنِّي تخَطَّيتُ الحُدُودَ جميعَها  وكشفتُ  أسرارَ  الحَياةْ

فأعَدتُ للطفل ِ الحزين ِ سُرورَهُ  وضياءَهُ ..

وَأعدتُ  للزَّهر ِ البريىءِ أريجَهُ  وبهاءَهُ ..

وأعَدتُ للنَّجم ِ المُسافر ِ في السَّماءِ مَدارَهُ

سَأعيدُ  ترتيبَ الطبيعة َ والفصولْ

فليحرقوا جسَدي إذا شاؤوا بكبريتٍ ونارْ

فرسالتي أعلنتُهَا … لا … لن  أرومَ  إلى الفرارْ

 

يا  أيُّهَا الطَّيرُ المُسافرُ نحوَ سجني بيننا  آلافُ … آلافُ البحارْ

أخَذوا الحَبيبة َ ثمَّ ساقوني إلى زنزانةِ المَوتى .. رَمَوا جَسَدي على الرَّمضاءِ

ألقوهُ  على  حَدِّ   الشِّفارْ

قد أبعَدُوا عنِّي الحبيبة َ أطفأوا  كلَّ  الشُّموعْ

أخذوا الحبيبة َ من يدي فبقيتُ وحدي  والعَذابْ

كتبتْ مراثيهَا  العيونُ وخَلَّدَتْ صوتي على قضبان ِ سجني والجدارْ

ماتَ الرَّبيعُ  وَهاجَرتْ  كلُّ  الطُّيورِ وأقفرَتْ هذي  الدِّيارْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى