تهنئة فلسطينية بالسنة العبرية الجديدة!

توفيق أبو شومر

عيدٌ سعيد وأنتم تنفخون في قرن الكبش، الشوفار، في أول يوم من أيام سنتكم الجديدة 5782ع، كرمزٍ من رموز الفرح والسعادة، فهو عندكم رمزٌ تاريخيٌ لفدية الله لسيدنا إبراهيم عليه السلام، حتى لا يذبح ابنه، كان مفروضا أن تعزفوا في قرن الكبش نغمة (الرحمة)، فهو كبشُ الرحمة، ولكنكم، للأسف، غيرتم نغمته الرحيمة لتصبح نغمتُه رمزا للكره، واغتصاب الأرض، وهدم البيوت، والتعصب، والعنصرية، ونبذ كل مَن هو ليس مِن شعبكم وعِرقكم؟
لا تنسوا وأنتم تأكلون الوجبة الأولى السعيدة، اللذيذة، الهنيئة، شرائحَ التفاح الممزوجة بالعسل، أن تتذكروا أن هذه اللذة آتيةٌ من رحيقِ جذور شجر تفاح الفلسطينيين، ومن شهدِ نحلهم الأليف بعد أن يرتشف زهور برتقالهم وليمونهم!
تذكروا، وأنتم تُنفذون طقس التكفير عن الذنوب في اليوم الأول والثاني من العيد، حين تُلقون بقطع الخبر في الأنهار والبحار، كرمزٍ لتخلصكم من الخطايا والآثام، تذكروا جنودَكم وهم يثقبون خزانات مياه الفلسطينيين في وادي الأردن، ويمنعونهم من شرب مياه آبارهم، يقتلون مواشيهم وأبقارهم بالعطش، تذكروا الفلسطينيين الأبرياء وهم يبيتون في العراء، بعد أن دمرت جرَّافاتكم بيوتهم، تذكروا ضحايا احتلالكم من اللاجئين، لأنهم فقط يُخالفونكم في العقيدة، إن كنتم تطلبون الغفران، مزِّقوا أوراق الكتاب العنصري، (توراة الملك) وألقوه في القمامة هذا الكتاب يُبيح قتل أطفالنا، لأنهم عندما سيكبرون يصبحون أعداءكم!
اسألوا أنفسكم في عيدكم: هل تزول الذنوب في عيد رأس السنة العبرية عمن دمروا قرية العراقيب 200 مرة، وعمن يُهجرون سكان الخان الأحمر، والشيخ جراح، والخليل؟ وهل تتسع كلُّ الأنهارُ والبحار لجرائم زعران المستوطنين، وعصابة دفع الفاتورة، وحركة لهبا العنصرية، وبلطجية لافاميليا، وجمعيات العنصريات، جمعية، عطيرت كوهانيم، أمناء جبل الهيكل، إلعاد، إم ترتسو، هابيتنا، جمعية شورات هادين؟!
ماذا ستقصون على أجيالكم، بعد أن تصوموا صيام عيد الغفران، بعد عشرة أيام من رأس السنة، هل تقصون عليهم قصص خمسةِ حروبٍ خاضها جيشكم على غزة؟ وما هي روايتُكم عن إبادة الأسر وقتل الأطفال والنساء، ودمار البيوت؟!
كيف تُرددون صلوات الاستغفار في الكُنس، وأنتم تُطالبون المتطرفين، بحجة تطبيق طقوس العيد، تأمرونهم بأن يجتاحوا الحرم القدسي، جماعاتٍ، ويدنسوا مقر عبادة أصحاب الأرض الأصليين ليُرددوا صلوات الرحمة والاستغفار ويستفزوا المصلين المسالمين، ثم تُصدرون الأوامر لجنودكم أن يفرضوا حظر التجول على كل مَن هم ليسوا على دينكم، حتى تُكملوا فرحكم بعيد رأس السنة العبرية الجديدة؟! كيف يتحقق الفرحُ والسعادة بسجن غيركم وتعذيبهم، وقطع أرزاقهم؟!
عشرة أيام من الاحتفال برأس السنة العبرية الجديدة، تختتمونها بعيد الغفران، عيد التوبة من الذنوب، عندما غفر الله ذنوبكم بعد أن عبدتم العجل الذهبي، هل هذه المغفرة كافية لمحو عذاب أُسرةٍ فلسطينية واحدة أربعة وسبعين سنة من التهجير والشتات!
كيف يفرحُ إنسانٌ بتعاسةِ الأخرين؟ وكيف يقبلُ إنسانٌ أن يأكل بشهيةٍ، وهو يسمع أنين المظلومين، وحسرات المنكوبين، وآلام المحاصرين، هل هذا فرحٌ أم مرضٌ خطير؟!
أُقرُّ وأعترفُ، أنا الفلسطيني المظلوم، المحاصر، المقهور، أنني لا أشعر بالفرحة في عيدي إلا بعد أن أرى كلَّ مَن حولي فرحين سعداء، فالفرحُ الحقيقي لا يتحقق إلا بفرح الجميع، وليس بفرمانات وأوامر جيشكم، منع التجول وإغلاق المعابر والحدود!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى