رحلة.. قصة قصيرة
محمود شقير | فلسطين
ترتدي جورباً رخيصاً وتمضي.
منذ سنوات وهي تقطع الطريق نفسه مارة بقلب المدينة، حيث يتزاحم العمال في انتظار فرصة للعمل.
هذا الصباح، تنتابها برودة فاجعة، ظنت غير مرة أن ثمة دموعاً تتجمع في عينيها، تمرر إصبعها اليابسة فوق الجفنين فلا تعثر على شيء.
وتمضي، تهب ريح قاسية في الطرقات، يضطر العمال إلى رفع ياقات معاطفهم المهترئة، تحكم قبضة يدها فوق معطف باهت، كي لا تتسرب الريح إلى صدرها، إذ تكفيها البرودة التي تنمو داخلها هذا الصباح.
وتمضي، لكن الجوربين ينزلقان فوق الساقين، تشفّ تجعداتهما الرخوة عن بؤس لا حدود له، تتوقف لحظة، تشد الجوربين إلى أعلى، ينظر إليها بعض المارة في إشفاق: إنها رحلة قاسية.
غير أنها تمضي إلى رغيف الخبز كعادتها منذ سنوات.