قراءة أولية في نص  يقول بالصمت ما  تحجبه الـ ” ثرثرة ” لعائشة الخضر لونا عامر

محمد علوط  | ناقد مغربي

  • حركة أولى لرمزية الألوان: الألوان هي دائما تلك اللغة البصرية المقتصدة التي لا تجيد الثرارة / لغة الصمت التي تكتنز المتعدد في الواحد، مثلما يكتنز قوس قزح رمزية ميلاد الفصول الأربعة  — ثم تتصاعد الحركية الغنائية للقصيدة من خلال تشاكل لثلاث ألوان: الأسود و الأحمر و الأزرق  — لون النار و لون الأرض و لون الوجود الأزرق الذي هو في الان ذاته استعارة لتوحد الذات بمعانيها الوجودية في الشعر . الألوان ليست خرساء / ” أنها تقول ” الحقيقة التي تحجبها  الثرثرة السائدة في عالم يفتقد المعنى **  عالم يتكلم لكي يلغي الكلام و الحقيقة و لا ينتج سوى الوهم.

 

  • حركة ثانية في رمزية و الاخصاب و الميلاد: مثلما رأينا الشاعرة الملهمة عائشة الخضر لونا عامر تستمد من الفن التشكيلي رموز تشييد المعنى الشعري فانها ضليعة في توظيف استعارات الأساطير الميلادية الاخصابية (الغيوم الحبلى) و (البتول الخجلى) و (اخضرار الطبيعة) وما بين هذه الرموز الدالة على الماء والمطر والانبعاث والميلاد تشرق صورتين أنثويتين  الموناليزا و مريم العذراء) لتنحث القصيدة من خلال قيم العذرية صورة عالم تنتفي فيه الطهارة و تهوي القيم من قدسيتها في عالم من الحرمان والقهر و الحرب و الألم.

 

  • هكذا و برمزية عالية التنضيد تشخص القصيدة رمزية الدراما الكونية للصراع بين الخير و الشر و الصراع بين الظلمة و النور و الصراع بين المقدس و المندنس / ذلك  ما   يزكي رؤيتنا الجوهرية الى أشعار المبدعة الكبيرة عائشة الخضر بأنها دوما ذات عمق إنساني و كوني و  لقد علمنا الشعراء الكبار مثل ازرا باوند و ت . س . اليوت و سان جون بيرس: أن ما يضمن للشعر الخلوج  هو  قدرته  أن  يكون في ذات الوقت  محليا و كونيا .

***

نص: ثرثرة

د. عائشة الخضر لونا عامر | سوريا

إلى كل من يرتجف بردا ً .. وقهرا ً ….

****

تتهافت الألوان ُ وتتزاحم …

تعجز ُ عن رسم ” قوس قزح “

تتجمّع في اطار ٍ كئيب …

لتظهر أخيرا ً : ” موناليزا بخمار أسود .. ! “

يتمايل ُ الحرف ُ ثملا ً … من نبيذ ِ المعنى

يرفع ُ كأسه ُ مهللا ً …

رافعا ً راية .. لا أثر َ فيها لأحمر .. أو أسود

يهتف بصوت ٍ مبحوح : ها ..قد عدت ُ ثانية !

وسيفه الخشبيّ يتفتت كطراوة ِ بسكوت .. !

أمّا هناك … عند تلك الغيوم الحبْلى …

تارة ً .. تتناُثر ُ بدلال ِ بتول ٍ خجلى …..

وتارة ً … تزغرد ُ بوابل ٍ من كريات هيولى …

ويندفع ُ البرد ُ وقحا ً … بلا موعد

كهواء ٍ غجري ّ فقد َ اتّزانه … وبوصلته

لترتفع َ الأكف ُّ إلى الزرقاء ِ مبتهلة :

أما من اخضّرار ٍ آت ..

أما من معطف ٍ … كشمس ٍ مرتقبة …؟!

د.عائشة الخضر لونا عامر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى