في باريس

الشيخ السفير هلال السيابي – سلطنة عمان

(بمناسبة مجيئ اليها لأول مرة في زيارة عائلية آتيا من الجزائر في صيف ١٩٩٢)، و(ظلت هذه القصيدة حبيسة الأوراق من ذلك الوقت لأكثر من سبب)

باريس جئتك أمتطي الزمنا
مهرا، وأبغيه عليك سنا

///

وأنازل الأيام عادية
أو أشتكي من نِيرها الرسنا

///

وأبيح ما كتٌمته زمنا
علٌِي أردٌُ بأفقك الزمنا

///

وأقول للشهب المضيئة في
علياك: إني يانجوم هنا

///

فرنت إليٌ الشهب غاضبة
واستكبرت أني اقول أنا

///

 لا تغضبي مني فلي وطن
كم صال في أفق الضحى ورنا

<<>>

 باريس جئتك بعدما وهنا
او كاد قلبي ثم أن يهنا

///

 مرت به الأيام عاصفة
ورنت عليه غصة وضنى

///

 وتعاورته المزعجات، فمن
لمضرج قد بات مرتهنا!

///

أبكته رايات الجلال وقد
باتت تمور وتشتكي الزمنا

///

قد ضُرٌجت بدماء فتيتها
ياليتها كانت لهم كفنا

///

فإذا شكى يوما مواجعه
فعذيره الجرح الذي ثخنا

///

تجري السياسة رغم نزعته
فيرى بها ما شانَها حسنا

///

وبنو ” مَعَدٍ” هم ضحيتها
يا للأسى ، ما افدح الثمنا!

////

١٥ فإذا أتيتك حاملا ألمي
كنت الجراح له أو السكنا!

<<>>

باريس ها قد جئت مقترفا
إثم الحضور، ولم أكن قمنا

///

خلفت بالبيضاء من كتبوا
بالحبر من دمك الغدور سنا

///

صبروا عليك القرن حالكة
أيامه، فرأوك محض عنا

///

لا تعرفين – وأنت عارفة –
فرضاً لغير بنيك او سننا

///

لم يعرفوا منك الهوى أبدا
أو يلمسوا الا الردى علنا

///

حتى إذا ما الخطب جل بهم
صالوا عليك أسنة وقنا

///

وأتوك بالهامات شامخة
لا تنحني روحا ولا بدنا

///

يقفون والتاريخ موعدهم
شُمًا كصحب المصطفى أمنا

///

حتى إذا ما السيف انصفهم
وهو الذي لم ينصف الجبنا

///

أعلوا بقرن الشمس مسكنهم
لولا الشبا لم يبصروا السكنا!

///

فإذا أتيتُ فما نسيت دماً
بالبغي قد اهرقته علنا

///

لكن لي من مقلتيك ضيا
يهدي على ابحاريَ السفنا

///

ويريني الأمواج عالية
حتى إذا ما الموج قد سكنا

///

أقبلت نحوك هادئا نزقا
استنطق الآثار والددنا

///

أتامل الآيات نيرة
باريس، أو استكشف الفتنا

///

أرمي بعيني إثر من وقفوا
قبلي ، وأسأل عنهم المدنا

///

متوقفا.. مستوقفا لأرى
ما بات تحت الأرض مختزنا

///

فلويس كان هنا، ولاعجب
أن تحسب التاريخ كان هنا

///

” اللوفر ” المشهود أحسبه
قد بات بالتاريخ ممتحنا

///

إن قال كلمته فلا عجب
أن ترهف الدنيا له الأذنا

///

ساورته فرأيت في ألق
حجراته تستنزف الشجنا

///

و”بغاب بولون” لمست هوى
من ” أحمد” قد دان لي ودنا

///

ذكر الزمان به وصبوته
متمنيا ، والدهر ليس منى!

///

وعلى ذرى “فرساي” قمت ولم
ألمس به من عوده فننا

///

زحفت به الأيام وائتلقت
عفوا إلهي خلته عدنا

///

لا أكذب التاريخ أنت له
أفق إذا ما افتنٌَ أو فتنا

///

لكن مروان الصبيٌَ له
راي ، يراه فطنة الفطنا ‘^’

///

انظر أبي: في كل زاوية
صور تفيض خلاعة وخنا

///

أو لا تراها يا أبي سفها
منهم وحمقا كالدجى دجنا

///

مروان يا ابني أنت أصغر أن
تدري الذي ما خلفها كمنا

///

ما ترتئيه بحسب نعتك يا
هذا يروه الفن والفتنا

///

هو فنٌُهم، هو بعض فتنتهم
يا ابني فلا تستصغر الفتنا

///

حجر ولكن تحته ألق
من فكرهم أو مارد كمنا

///

ولربما من خلف ذلك ما
اعطى الحضارة قدها اللدنا

///

ولربما من خلفه بزغت
شمس الحضارة رفعة وسنا

///

هو رحلة التاريخ عندهم
في وثبة لا تعرف الوسنا

///

انظر ترى ” فولتير” منتشيا
علناً ، و ” هوجو ” يعبد الوثنا

///

وكلاهما سار بوثبته
لا ينثني او يحتسيه ثنا

///

 وكذلك التاريخ يصنعه
فكر العظام، ليبلغ القننا

///

تاريخهم فن وملحمة
ونهىً يمور ويفتح المدنا

///

قارن بهم من شئت من عرب
يا ابني، وكن للفرق مؤتمنا

///

فلسوف تعرف كل غامضة
إن الزمان بذلكم ضمنا

///

 دار الزمان بنا، وأحسبه
يوما سيمسح إثمه علنا

///

هي حكمة الأيام ما أفلت
ألا وأشرق نجمها ودنا

///

فارقب ليوم دونما صور
نبني به التاريخ والزمنا!

^^^^^

^هامش: كان مروان يومئذ في السابعة من عمره

باريس – أغسطس ١٩٩٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى