أدب

تشقق

بقلم: أحمد البدري
ستار الليل المثقوب بألف حكاية،التى ترشقها الأفواه محاولة تقصيره، يسقط أمام صوته المزعج، وهو يبقر الجبل الهاجع؛ لا يملك حق الاعتراض.. لم يدم ثباته طويلا؛ علت أناته؛ تصدع.. زادت الفوالق.. تحول صمته إلى أنين ورقصات عشوائية على أثرها حل الغبار على المكان، كسا وجه الصبح الوليد باللون الأصفر الباهت، تساقطت الكتل الحجرية متتالية؛ غطت السفح هرب الجميع بعيدا تدافعوا نحو المكان المعد للمراقبة في انتظار عودة الجبل إلى سكونه، كان انسحابهم غير محسوب هذه المرة؛ عندما تركوا الكثير من معدات الحفر متناثرة أسفل الصخور ..
كان صوت قائد الوردية يرتعش؛ عندما أمرهم بالعودة من جديد لسحب المعدات الخفيفة، كلماته لم تحرك ساكنا في نفوسهم بل اشتد بهم الغضب، حتي كاد أحدهم أن يقتله وقد أطلق لحنجرته العنان تلتهم الفضاء الأصفر بالسباب والتمرد، تشابهت الوجوه خلف القناع الأصفر وغياب الملاحم ؛ أعطى فرصة للكثير بإعلان تمردهم وعدم الانصياع للأوامر، كانت حجتهم لن يفقدوا أرواحهم، تناقلوا الحديث عن جابر زميلهم الذي ابتلعه الجبل منذ أيام قلائل، ومحمد الذي بترت ساقه.. وظلت حوارات الخوف تتوالى وتتناقل بينهم، وفي مفاجأة غير متوقعة انسحب الجميع من سفح الجبل تاركين قائد الوردية وحيدا يضمد جراح الجبل ويجمع أشلاءه المبعثرة ، وقف خلف جهاز – الجي بي إس – يراقب التغيرات التي حدثت، والفوالق الجديدة وتلك الفتحات التي خلفها انهيار الجبل.
انقشع اللون الأصفر؛ ظهرت الشمس بأشعتها تصهر الأجساد ، لم يعبأ قائد الوردية ببعض الدماء المتناثرة فقد ألف ذلك، ما عاد يدهشه أو يحرك ساكنا داخله، لم تتوقف مسامعه أمام أنين الصخر أسفل قدميه، انتقلت حرارة الصخور إلى جسده فقد القدرة علي الحركة، غاص بين الغبار المتراكم لم يظهر منه شيء،  وتلك الذرات الدقيقة جدا المدببة الأطراف الراكدة وممزوجة بالغبار و التي ثقبت جسده النحيل، كان أنينه يخفت حتى تلاشى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى