حياتي العادية
بقلم: محمد عيسى | مصر أسوان
في إحدى ليالِ ربيع الأول المباركة وبعد أن أتممتُ صلاة العشاء وكُلّي تبتلٍ وخشوع ومناجاة أَنْ يُوَفِّق اللهُ مَسْعَى بَعْلِي وأن يُلهِمَ بَنيَّ الرُشدَ والصواب، قُمتُ أركضُ في عجلٍ فسقطتُّ وتألمت وصرخت، وبعد بحثٍ استغرق بضع دقائق من زوجي ووالدته وجدوني أتلوى وأَئنّ.
وبعد الفحص وعمل الأشعة اللازمة تمَّ التوصيف بأنه “تمزقٌ في الأربطة” وبضع كدمات كادت تُودِي إلي كسورٍ، ولكنها ألطاف الله التي تحيطُ بي مِن كُلِّ جانب.
ونصح الطبيب بأن أمكث شهرًا طريحة الفِراش.
طَفِقْتُ أسترجعُ وأحوقل وأقول: أنا لم أتردَ مِنْ عَلِ ولم تصدمني سيارة، كل ما في الأمر أن جرت بي مشَّايتي المصقولة.
يا رب ماذا أفعل؟
ومَنْ يُنْجِز لي واجباتي اليومية؟
ومن يقوم بمهام الطبخ والكنس والنظافة، وكل أعمال المنزل؟
ومن يستذكر الدروس لأبنائي الثلاثةِ كُلٍّ منهم على حِدة، ومن يقوم بأعمال الرعاية (والرباية).
ومَن يتضطلع بمسؤولياتي تجاه زوجي الذي يأتي الفنية والأخرى، وكفى به إرهاقًا ومشقة؟!
وَمَن ومَن؟؟
إنها مجرد هواجس جالت برأسي عند عودتي من الطبيب وأنا لم أُرْزَقْ بأختٍ تكن عضيدتي في الحياة وساعدي.
لقد تغيّرت حياتي رأسًا على عَقِبٍ بسبب حادثٍ بسيطٍ، ولكن ” ما لي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر “.
ولقد أصبح عملُ كوبٍ من الشاي مهمة عظيمة تحتاجُ إلى كثير من الإعداد والترتيب والتجهيز، وصار المطبخ في بلدٍ والحمام في بلدٍ آخر، وتباعدت المسافات بين الحُجُرَاتِ وكأني انتقل من بلد إلى بلد لا من غرفة لأخرى.
ولم يَعُد بإمكاني الخروج من المنزل، ولا يُسْمَح لي ذلك، وصرت سجينة جدرانه، ولم يك بمُخَيّلَتي أن أصير كذلك، وتنتابني تلك المشاعر؛ مشاعر العجز والمرض والشيخوخة، حتّى أُمي المُسِنّة لم يعد باستطاعتها مساعدتي فهى تحبو على ثلاثة، اللهم إلا التضرع إلى الله بعاجل الشفاء.
ويمرُّ الوقتُ عليّ تلو الوقت وأنا لم أَخِرُّ لله ساجدة وأمرغ جبهتي شُكرًا وحَمدًا، فتبدلت طقوس الصلاة عندي، فالوضوء صعب، والصلاة على الكرسي.
فحياتي التي كنت أرفل فيها بالنعم وتحيط بي الآلاء من كل جانب هى مُجرد مُجرد حياتي العادية.
والحمد لله رب العالمين