بين الكرخ والرصافة
شعر: د. سعيد الزبيدي
أجئتَ الكرخَ أم جئتَ الرُّصافة؟
ستنعَمُ بـ(التبغددِ) واللطافة
***
وتحظى مثلما حظيَ ابنُ جهمٍ
فمزَّقَ ثوبَ صحراءٍ وعافهْ
***
ولمْ يكُ همُّهُ جِسرًا ليلقى
عُيونًا للمها ملكتْ شِغافهْ
***
ولكن ساقهُ قدَرٌ فأمسى
على وعيٍ بما تعني الثقافة
***
ولا أسطيعُ أُحصي ما تعالى
يصوِّر ما لـ(بغدادَ) اكتشافهْ
***
هي الدنيا تلخّصُ ما لديها
من الأمجادِ ما اتَّسعتْ مسافة
***
حملناها بقلبٍ في اغترابٍ
مريرٍ زادَهُ البعدُ اعتسافة
***
ولم نأبهْ، فقدْ ناب افتخارٌ
وقد أبدى لها الكونُ اعترافهْ
***
وكنّا أيَّ ميدانٍ حللنا
نقدِّمُ فيهِ ما شئنا إضافة
***
فضاقَ بنا الحسودُ وكانَ يدمى
وننزعُ منهُ في السَّبقِ اعترافَهْ
***
على مضضٍ نغصُّ بأمنياتٍ
تجاهلَها المُولَّى والصحافة
***
فلم يُسمعْ لنا صوتٌ نصيحٌ
ولا امتدَّتْ يدٌ تبغي انتصافة
***
أُخاطبُ من هنا مَلأَ الكراسي
تأملْ بالوجوهِ تجدْ حصافة
***
تجد سنواتِ غربتنا تجلَّتْ
عناوينَ اقتدارٍ، لا خُرافة
***
فما نفعُ الولاءِ إذا حُرِمنا
مشاركةً بماءٍ أو لَفافة
***
ولا طمعًا نرومُ ولا جزاءً
فمن صحبي خذوا منهُ احترافهْ
***
لِنُسهِمَ في عراقٍ قدْ تشظَّى
بدعوى من شعاراتِ (الخلافة)
***
ومن بعضِ اللصوصِ أدارَ وجهًا
ولوَّنَ بالتقى دومًا غلافهْ
***
وأشباهِ الرجالِ وقد تولوا
شؤونَ البيتِ جهلًا أو صلافه
***
هنا أشكو لمن سلمتْ يداهُ
وآثَرَ أَنْ نرى فيهِ عفافَهْ
***
أعِرْنا مَسمعًا فلقد سمعنا
على بعدٍ فأكبرنا هُتافهْ
***
تعالوا فاستجبنا فالتقينا
عراقًا كيْ نرى منهُ ضِفافهْ
***
يُوحِّدُنا هواهُ، وأيُّ حبٍ
يعيشُ بنا ولا نرضى خلافَهْ
***
وعذرًا إِنْ شرقتُ بريقَ ودّي
وما أبديتُ حرصٌ لا مخافة
***
وآخرُ ما أقولُ هنا صلاةً
على الهادي، ومن دخلوا لِحافَهْ