رائية أهل الكهف والضوء
شعر: محمد بلمو | المغرب
(إلى أطفال العصر الحجري الحديث)
يَغطّون في النَّومِ العَميقِ
هُمْ أهْلُ الكهْفِ
يَنسُجونَ خُيوطًا سوداءَ لِجلْبابِ الصَّمْتِ
يرْسُمونَ بالفحْمِ وَجْها لِلقَذارَه
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
وكانتْ لَيْلى
غارِقةً في شعْرِها المدرجِ في الدُّموعِ
ودَمِ الخرائِبِ
وحَبْلى
كانتِ الشَّمسُ أمامَها
تَتوارَى
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
وكانتْ ذِئابُ الَّليْلِ تَغْرِسُ أنْيابَها
مَتارِيسًا
وتُشَيِّدُ خلْفَ الجِدارِ
جِدارَا
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
وكانوا يَحْشدونَ الخَلْقَ
في قَلْبِ مَغارَه
ثُمَّ يُعْلِنونَ أرْبَعينَ سَلْطَنةً
وإِمارَه
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
وكانَ الكهْفُ سوقًا لِلعَهارَه
يَبيعونَ الحِنّاءَ وكُتبَ التّاريخِ
يبيعونَ الزَّعْتر َ
والحَضارَه
أَلا إِنَّ البِلادَ خَيْرُ الهَدايا
والعِبادَ قَرابينٌ أوْ ضَحايا
أَلا إِنَّ كلَّ شَيْئٍ
لِلتِّجارَه
الأرضُ والسّماءُ
الماءُ والهواءُ
إِمّا رِبْحٌ وثَناءُ
آوْ بَلاءُ الخَسارَه
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
وكانوا يُعلِنونَ خُطْبةَ الكَهْفِ
لِكلِّ رَأْسٍ
عودُ ثِقابٍ
وسيجَارَه
فَكولوا مِنْ نِعْمتِنا ما اسْتَطعتم
مِنْ بَقّولٍ وعَسْلَوْجٍ وبيصارَه
ولا تسألوا كم مِن القُرونِ نِمْنا
ومتى نَفيقُ
ولا تسالوا كمْ عددُنا
خمَسُ طبَقاتٍ أمْ سَبْعُ
ولا تسألوا منْ سابِعُنا
كلبٌ أمْ ذِئبُ
فمنْ مِنَّا جارَ وتَجبَّرَ
ذودًا عنْ قُدسِيةِ النَّومِ
جَازيْناهُ خيرًا وخيرًا
وخيرَا
ومنْ مِنكُم ثارَ واسْتبْشرَ
فَفتحَ ثُقبًا في سَقفِ الكهْفِ العظيمِ
وتَواطأَ مع الشَّمسِ الكافرَه
كُنَّا لهُ بالمرصادِ
ولوْ كان حمارَا
فلا أُعذِرَ الحمارُ
ولا أُطلِقَ القِطارُ
ولا مُسَّ الظَّلامُ
إِنَّا حَرَّمْنا كلَّ أَنْواعِ
الإِنارَه
أمَّا إنِ اشْتقْتُم إلى اسْتِراحةٍ قَصيرَةٍ
مِن أبَديةِ الشَّخيرِ
تَوسَّلنا ذِئابَ اللّيْلْ
فَإِنْ أَمَروا
كُنَّا رهْنَ الإِشارَه
وإنْ رفَضوا فَالنَّومُ أَمْنٌ
والطّاعَةُ شطارَه
كانَ الَّليْلُ لَيلاً
والنَّومُ جَبلاً
والكهْفُ كُتلًا
والفجرُ
والفجْرُ كانَ أملاً
والأملُ كان طِفْلاً
والطِّفْلُ كان شعْبًا يَترَعْرعُ
بين أحضانِ الموتِ الأزرقِ
وسداسيةِ الحُلم الأميري
شعبٌ يأتي من رحْمِ هذا الليلِ الفحميِّ
بالبِشارَه
بالبشارةِ يأتي
غضبُ عيونِه
شرارَه
حُمَمُ أياديهِ
حجارَه
يأتي بورْدةِ الجُرْحِ
بقصيدةِ الفرحِ
بِبُرْتقالٍ
وقيتارَه
بالبشارةِ يأتي
مِنْ شيخوخةِ نَفْطٍ
مماليكِ قَحْطٍ
يَنابيعِ المرارَه
يأتي بِبدايةِ الضَّوءِ
وصدْرِ القصيدِ
يغرسُ شجرةَ الشَّمْسِ
على أطلالِ المغارَه
بالبشارةِ ياتي
فتهْجرُ ليلى لأحْزانَها
وتسْتعيدُ صلابةَ الصَّخرِ
وحيويةَ العِبارَه
حِين ينْهضُ مِن حِضْنها الدّافئِ
ألفُ ألفِ جيفارَه
فيا ليْلى
أَزيحيني عنْ غفْوتي غَباوَتي
ولُمِّي أطرافيَ الثَّكْلى
وارْقُصي معي يا ليْلى
على إيقاعِ الحجارَه
على إيقاعِ الحجارَه
على إيقاعِ الحجارَه
ظهر المهراز – فاس في 1987