أدب

قراءة في صدى التقنية القانونية الأولية في القانون الحديث

هدى علي عبد ترجمت لأمثلة ثورية على التكوين الأولي للقواعد القانونية

كتبت: ساهرة رشيد
صدر عن دار المأمون للترجمة والنشر إحدى تشكيلات وزارة الثقافة والسياحة والآثار, كتاب بعنوان (صدى التقنية القانونية الأولية في القانون), للمترجمة هدى علي عبد. حيث إختارت المترجمة ببراعة خمس دراسات حديثة لأساتذة وباحثين روس في العلوم القانونية، تتبعت هذه الدراسات أصول القوانين الروسية الحديثة في الحضارات القديمة لبلاد ما بين النهرين حيث ظهر أول قانون مكتوب وأول كلية الحقوق بل تعدى التأصيل الى ما قبل مرحلة ظهور الكتابة.
هذه القوانين ليست مجرد إرهاصات ولا بدايات بسيطة بل هي نسق متكامل ودقيق ومقسم كتقسيم المواد القضائية الحديثة، لذلك وصفت بلاد ما بين النهرين القديمة بـ (الجنة الحقيقية لمؤرخي القانون فمن الثقافة القانونية في ممالك سومر وأكد وبابل استنبط المحامون المحترفون والحقوقيون وطلبة التخصصات القانونية بعض التشريعات والأحكام القضائية.
وضم الكتاب خمس دراسات حديثة لأساتذة وباحثين روس في العلوم القانونية، تبحث في موضوع التقنية القانونية الأولية القديمة في جنوب بلاد ما بين النهرين وشمالها، ترجمت عن اللغة الروسية، وقد اخترتها المترجمة لإهمية الموضوع الذي تطرحه، وهو بحث التقنية القانونية الأولية، ومدى التطور الذي شهدته في بلاد ما بين النهرين، مهد الحضارات ومنبع تشكيل أول القوانين، بشقيها العام والخاص، وأساسها، حتّى أوّل إعلان لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية ظهر هناك، إذ تشير الدراسات إلى وجود القوانين، حتى قبل ظهور الكتابةالمسمارية.

تتناول الدراسة الأولى، مراحل تكون التقنية القانونية المبكرة في بلاد ما بين النهرين، وتاريخ تطور التقنية القانونية، التي بدأت في سومر القديمة، حيث ظهر القانون المكتوب، وكليات الحقوق الأولى، ومهنة المحاماة، إذ أصبحت بابل القديمة خليفة للثقافة القانونية السومرية، وكتبت بالفعل قوانين الملك البابلي حمورابي مع عناصر جديدة من التقنية القانونية، وتشكيل السياسة القانونية. ونتيجة لذلك، فإنّ هذه القوانين تعدّ أكبر إنجاز للفكر القانوني، والأيديولوجية القانونية في إنشاء المبادئ الأساسية للقانون الوضعي. وخصصت الدراسة الثانية لتحليل الثقافة السياسية والقانونية المحددة، والقانون المسماري للسومريين القدامى، ومفهومهم عن “المملكة المقدسة” الحكومة العادلة.” وركزت الدراسة الثالثة لتحليل أقدم تقليد قانون نشأ في حضن الحضارة السومرية القديمة.

اذ تبحث الدراسة ميزات القانون المسماري الذي حصل في وقت مبكر جداً بصورة مقننة. وسجل في العديد من المراسيم الملكية المسمارية والقوانين إذ تولي عناية خاصة لمدة حكم الملك اور نامو – مؤسس سلالة اور الثالثة، ومؤسس أول مدونة رئيسة للقوانين، وقد ترجمته الباحثة، للمرة الأولى إلى اللغة الروسية النص الأكثر إكتمالا من قانون “اور نامو”، الذي يقدم وصفا مفصلاً لهذا المصدر الأساسي، ويفحص بالتفصيل القانون وطبيعته، والمبادئ العامة لقانون الآثار الأقدم، وشكله وتركيبته الداخلية.
وتعرضت الدراسة الرابعة الى خصائص تشكيل الثقافة القانونية في شمال ما بين النهرين من نهاية القرن العشرين إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد إنشاء هياكل الدولة من النوع الإمبراطوري في المناطق المدروسة) اذ حددت عناصر الثقافة القانونية للمنطقة المحددة على أساس دراسة مفصلة لوثائق القانون العام – القوانين الآشورية الوسطى، ومراكز نظام المستوطنات التجارية في آسيا العلمي كانيش وأليشارا. إذ يقوم سكان آشور الأصليون، الذين لم يحافظوا علي علاقات وثيقة مع العاصمة فحسب، بل استندوا أيضاً إلى مؤسسات قانونية
مماثلة لتلك التي نجحت في تأسيس نفسها في وطنهم، في إدارة المستوطنات إدارة رائدة على وجه التحديد في إنشاء مثل هذه المجتمعات التجرية .فقد كانت الأداة القانونية الرئيسة للمنظمة التجارية هي النظام التجارية هي النظام الفضائي للمجتمع، الذي نسخ النظام في آشور. وأصبحت القرارات الصادرة عن هذه المحاكم سوابق استعملت فيها بعد بوصفها مصادر لإنشاء القواعد القانونية العامة وأعمال تطبيق القانون.
ويحلل مؤلفو الدراسة الخامسة، السمات المميزة لقوانين حمورابي، المشروطة بالحقائق التاريخية في وقت ظهورها ، إذ تكشف بعض السمات المميزة لهذا النصب القديم للقانون، ومن ثم تبحث أوجه التشابه غير المتوقعة والغريبة مع التشريعات الجنائية الحديثة
وأخيراً هذه الدراسات التي تعطي أمثلة ثورية على التكوين الأولي للقواعد القانونية والقانون العام والخاص والقانون الجنائي، وترسم أوجه التشابه مع القوانين الحديثة، على الرّغم من أن التغيرات الحركية، والتعديلات الجارية على القوانين وتقنية تنظيم القانون لا تظهر هذا بصورة واضحة مما دفع علماء القانون والباحثون لبحث هذه الحقب التاريخية، وإيلاء عناية خاصة بقواعد القوانين القديمة، والتقنية القانونية الأولية وعلى وجه الخصوص قانون الملك -أور – نامو ومجموعة قوانين الملك البابلي حمورابي.
آمل أن تكون هذه الدراسات إضافة جيدة للقارىء الكريم عن طريق تسليط الضوء من وجهة نظر الآخرين على هذا الموضوع المهم، والأثر التاريخي لبلاد ما بين النهرين العريقة بحضارتها، وانجازاتها التاريخية للبشرية جمعاء.
والجدير بالذكر ان
دار المأمون للترجمة والنشر، أسهمت بهذا الكتاب في إثراء معرفة قرائها تأريخيًا وقانونيًا موضحة الصورة الحقيقية التي كونها الآخرون عن حضارتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى