مُحاربة الفكر بالفكر !

صبرى الموجى/ رئيس التحرير التنفيذي لجريدة عالم الثقافة

لاشك أن كثرة الحوادث الإرهابية، التي كان آخرها حادث بئر العبد الذي خلف ١٠ شهداء ومصابين، ومن قبله حادث مسجد الروضة ببئر العبد أيضا، والذي خلّف أكثر من 300 قتيل – نحسبهم عند الله من الشهداء – وما يزيد على 100 مصاب، وغيرها من حوادث إرهابية هي طعنةٌ غائرة صوبها إرهابٌ خسيس منزوعُ العقل والقلب والدين إلى قلوب المصريين جميعا، وتركها تنزفُ بلا رحمة ولا شفقة، وهى تتجرع مرارة الحزن على أطفال يُتمت ونساء رملت، وأسر صارت بلا عائل، يحول بينها وبين الفقر والحرمان !

وحسنا فعلت الدولة المصرية، إذ كشرت عن أنيابها، وشنت حملات ضارية للقضاء على فلول الإرهاب وأوكاره، فأسقطت الكثير من عناصره المتجردة من معاني الرحمة والإنسانية؛ ثأرا لضحايا وأبرياء أريقت دماؤهم ظلما وعدوانا بلا جريرة أو ذنب، ولكن يبقى السؤال: هل هذا هو الحل الوحيد لمشكلة الإرهاب في مصر؟ وهل حقا ما زعمه البعض أن الإرهاب يلفظُ أنفاسه الأخيرة ؟

وباستقراء الواقع المصري، يتضح – بكل أسف – أن ما يُروجه بعض الكتاب عن أن الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة هو نوعٌ من دغدغة المشاعر، وإعطاء المسكنات بغرض تطمين المصريين، بدلا من البحث عن العلاج الناجع لتلك المشكلة، التي صارت خطرا يُهدد الأسر والأفراد، بعدما توالت الحوادث الإرهابية التي تُخلف إلى جانب القتلى والمصابين الرعب والفزع في قلوب الآمنين، وهذا ما يدفعُنا للبحث عن إجابة للسؤال القائل: هل استخدام القوة والسلاح هو الحل الوحيد لتلك المشكلة؟

وتأتى الإجابة بأن هناك حلا آخر لابد أن يسير جنبا إلى جنب مع استعمال القوة، وهو مجابهة الفكر بالفكر، ومقارعة الحجة بالحجة؛ إذ لابد أن يحارب أصحاب هذا الفكر العفن بفكر مُستنير، يؤصل لصحيح الدين، ويُؤكد حُرمة دماء الآمنين، وحرمة ترويعهم، وإعلاء قيم الرحمة والتسامح والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، اقتداء بسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الذي خاطبه ربه بقوله: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وبقوله سبحانه: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القول لانفضوا من حولك).

والمعنى أن محاربة الإرهاب لست مسئولية الجيش والشرطة وحدهما، بل هي مسئولية الوطن بأكمله بمختلف مؤسساته وهيئاته؛ لأننا جميعا شركاء في سفينة إن تركناها نهبا للمفسدين غرقت وغرقنا جميعا، وإن أخذنا على أيديهم نجت ونجونا جميعا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى