الشاعران ” ليلاس زرزور ” و “محمد الدمشقي ” ” وجهًا لوجه “

محمد الدمشقي يقول:

لا أؤمن بناقد ليس شاعرا لأن الشاعر أكثر قدرة على فهم أصول الشعر

الشعر بخير لكن للأسف هناك متسلقون و طحالب و متوهمون و تافهون

صعدت وسائل التواصل الاجتماعي في ظل ضعف الإعلام الرسمي و الخاص

بنيت نفسي واستفدت من الأساتذة والفيسبوك صاحب الفضل في اكتشاف موهبتي

في وسائل التواصل الاجتماعي فوضى وجنون و كثير من المتسلقين و التافهين

المرأة هي الملهمة وهي الجمال الذي يجعلنا نكتب ونتغنى بالحب والأحلام

اقرأوا بعدل وإنصاف ولا تفكروا بالعلاقات العامة على حساب الكلمة والإبداع

صارت الطباعة للأغنياء وليست للشعراء وندون نزفنا لأجل التاريخ

الثقة نظرة إلى الأمام أما الغرور فهو نظرة للخلف

 

الشاعر السوري محمد الدمشقي من مدينة دمشق؛ من أسرة مثقفة فيها اب و أم يعملان بالتدري ؛ بدأ  كاتبا للخواطر و النثر ثم الشعر بكل ألوانه..  أشرف على قسم الخاطرة في عدة منتديات أدبية عربية مثل أكاديمية الفينيق ومنابر الشعر العربي وقناديل الفكر والأدب، ثم أسس ملتقى حديث الياسمين الشعري و أشرف على ثمانية أجزاء من دواوينه المشتركة؛ لديه ستة دواوين شعرية وهي: (أريج الدمع – لا ضوء إلا بسمتك – قبل أن أتعلم النسيان – لحن الإياب – كؤوس وجد – ألحان فجر) نشرت له العديد من المجلات الورقية والإلكترونية ونال الكثير من شهادات التقدير ، وكان لنا معه هذا الحوار القيم الماتع …

متى اكتشفت موهبتك الشعرية؟ وهل كان للظروف التي عشتها دورها في ظهور هذه الموهبة، ومن كان له الفضل في اكتشاف موهبتك الشعرية؟

الموهبة تولد معنا منذ أول دمعة؛ لكنها تظهر فجأة. والحقيقة أنني اكتشفت شاعريتي الحقيقية متأخرا في الثلاثينيات من عمري ولكن كنت سابقا أحب الشعر منذ طفولتي و بصراحة كنت أنبهر عندما أقرأ الشعر الموزون خاصة و أقول في نفسي ليتني استطيع أن أكتب مثل هذا، و كان ديوان أبي القاسم الشابي صديق مراهقتي و شبابي حتى أنه اهترأ بسبب كثرة قراءتي له … كذلك كوني دمشقيا ترعرع في حارات دمشق القديمة فنزار قباني يعتبر نبراسا وحالة عشق في قلوب كل الدمشقيين.. وهكذا تبلورت الموهبة بالحب والرغبة والسعي لأنها لا تكفي دون أن نتعلم ونقرأ وننمي موهبتنا، أما الظروف فلها دور في بلورة وتوسيع تلك الموهبة فمثلا أعتبر أنني اصبحت شاعرا حقيقيا أثناء وجودي في لبنان بعيدا عن دمشق وبسبب حنيني للياسمين و ما يجري لوطني من مواجع جعل الشعر متنفسا لا غنى عنه، أما صاحب الفضل في اكتشاف موهبتي فهو الفيسبوك ههه لأنني بنيت نفسي بنفسي رغم استفادتي طبعا من بعض الأساتذة و تجارب السابقين

الشعر الحقيقي هو انعكاس لموهبة ولكن ذلك لا يكفي لإنتاج ما نصبو إليه من إبداع .. ما هي العوامل التي تسهم في تشكيل هذه التجربة ؟

نعم لا تكفي الموهبة دون صقل و تنمية لها و ذلك يتطلب أمورا كثيرة منها: الرغبة و الحافز كطاقة دافعة، و الصبر و التعلم والقراءة  كطاقة حركية، و العطاء و الإيجابية و التلاقي مع تجارب الآخرين ليمنحنا مزيدا من الأفكار، و الثقة بالنفس دون غرور و الفرق أن الثقة نظرة إلى الأمام أما الغرور فهو نظرة للخلف.

كثير من الشعراء لديهم الحظ ولكن ليس لديهم المعجم اللغوي كيف تفسر ذلك ؟

فعلا هناك من ساعدهم الحظ لكن برأيي هي فترة محدودة لأن الحظ بلا لغة ولا موهبة لن يفيد طويلا … تفسير ذلك المجاملات والأساليب المختلفة في الطرح والوسط المحيط بالشاعر و علاقاته الخاصة و العامة

 ما رأيك بالحركة الأدبية حاليا خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة؟

الحراك الأدبي أصبح أكثر و أوسع عبر تلك الوسائل التي ساعدتنا على الظهور في ظل ضعف الإعلام الرسمي و الخاص في بلادنا العربية و لكن بالوقت نفسه هناك فوضى وجنون و كثير من المتسلقين و التافهين الذين ظنوا أن الشعر نوع من الظهور والبريستيج و التسلية و استهانوا به و انخدعوا بالمصفقين.

هل يمكن القول إن المعلم هو الأساس لإطلاق أي موهبة أدبية ؟ وهل يستطيع المعلم أن يختصر على الموهوبين سنوات طويلة يحتاج إليها الموهوب لتطوير ذاته ؟

المعلم له دور أساسي في كل شيء فما بالك بالشعر؛ لكن للأسف الكل اليوم معلمون هههه يعني ما زال كثيرون لا يعترفون بحاجتهم إلى من يعلمهم أو ينصحهم وهذا أمر غير صحي ابدا … المعلم أساس في دفع الموهبة و صقلها و توجيهها بالتأكيد

ما رأيك بالنقد ؟

النقد كفكرة عامة جميل لأنه يسلط الضوء على الشعر و يساهم في إيصال أفكاره … لكن للأسف فهم الكثيرون النقد على أنه سلبيات و نصح فقط … النقد منهج فكري متكامل يعرض الايجابيات قبل السلبيات و بعيدا عن اسم الشاعر أو شهرته أو انتمائه وبكل تجرد و حب … لا أؤمن بناقد ليس شاعرا لأن الشاعر أكثر قدرة على فهم أصول الشعر فكيف لمن لم يجرب الشعر أن يتذوقه … أنا مع الناقد الشاعر و لكن أيضا ليس كل شاعر ناقدا … أغلب ما نراه اليوم لا يمت إلى النقد الحقيقي بصلة … هو مجرد انطباعات و استعراضات ومجاملات لأصحاب القصائد غالبا … نحتاج إلى نقد حقيقي متوازن لا يجامل و لا يبالغ في الثناء و لا يحطم أيضا بالمقابل و هذا نادر اليوم للأسف.

هل ترى أن الشعر العربي حاليا يمر بحالة تقهقر ؟

لا أرى هذا أبدا … الشعر اليوم بخير و هناك مبدعون حقيقيون لكن المشكلة أن الأعلام اليوم مختلف عن السابق و فيه فوضى وكثرة و ازدحام خانق؛ لهذا اختلط الحابل بالنابل و ضاع الصالح بالطالح و لم يتم انصاف المبدعين بسبب كثرة المتسلقين و الغوغاء و جهل أغلب الإعلاميين بأصول الشعر واهتمامهم بالعلاقات الخاصة والعامة على حساب الإبداع. الشعر بخير لكن للأسف هناك متسلقون و طحالب و متوهمون و تافهون و هناك فوضى و ازدحام مزعج

ألا تشعر بأن هناك تباينا بين الشعر المعاصر والشعر القديم ؟

طبعا هناك تباين وهذه سنة الحياة فلكل زمن شعره و رجاله و لغته و همومه وأفكاره … لا يتعلق الأمر بالجودة بل بالزمان و المكان و الأحوال و الظروف …

 ما نوع الشعر المفضل لديك ؟

كل ما يلامس إحساسي ويؤثر بي ويقنعني و يجعلني أتنهد .. هل الشعر هو تعبير عن الإحساس .. الشعر أوسع من مجرد تعبير عن الإحساس … هو حالة تمنحنا اجنحة و تحلق بنا نحو أحلامنا و يصنع من آهاتنا اغنيات

هل الشعر صناعة؟

لا لا أبدا الشعر حب وعطاء وموهبة ولكنه يحتاج إلى أدوات للتطوير وهذه الأدوات لا تصنع بل تكتسب من الحياة و تجاربها و من القراءة و المطالعة و الاطلاع على تجارب الآخرين …. الشعر ثقافة و زراعة وليس صناعة و لا تجارة

ما رأيك بقصيدة النثر التي تحررت من القافية والتفعيلة والوزن وزاحمت القصيدة التقليدية؟ وهل أنت مع تصنيفها تحت خانة الشعر ؟

نعم هي تجربة مكملة للشعر و ليست مشتقة منه كما يظن البعض بل لها هوية و شخصية مستقلة تميزها … و انا مع تصنيفها تحت خانة الشعر لكن بشرط ان يكون الشاعر ملما بالموزون أيضا و ليس مكتفيا بالنثر لأن الشاعر كيان متكامل يتنفس شعرا بغض النظر عن لون هذا الشعر و أوزانه و قوافيه … و كنت في مقال توضيحي  وضحت أن قصيدة النثر تسمية حرة مختلفة عن قصيدة الشعر … قصيدة الشعر موزونة و قصيدة النثر منثورة فلا تعارض ابدا في التسمية و أستغرب من المعترضين على تسمية قصيدة النثر فهو اسم لم يتعد على الشعر و لم يرغب حتى بالانتساب إليه؛ لأنه مستقل بذاته… كما نوهت الى الفارق بين النثر و قصيدة النثر فالنثر سردي و قصيدة النثر إيقاعية و للحديث عنها شجون

كيف ترى الوطن في شعرك؟

أراه حزينا مثلي و دامعا و لكنه لم ييأس و لم يستسلم بعد

هل أراك

هل أراك

مشرقا كالصبح تصحو

ناثرا حولي شذاك

عدت لي من غير دمع

نافضا عني أساك

هل توارى الحزن لما

عاد يحييني سناك

وألتقى بالنور قلبي

حين ناجاني هواك

اه كم طال اشتياقي

كي أراني في علاك

طير حب راح يشدو

يا حبيبي في سماك

ماهي العوامل التي أدت إلى الحد من انتشار الكتاب الورقي في عالمنا العربي ؟ وهل تعتقد بأن وسائل الاتصال الحديثة سهلت الحصول على النسخ المجانية إحدى هذه العوامل ؟

غلاء أسعار الطباعة بصراحة وصارت الطباعة للأغنياء وليست للشعراء … للأسف ليس هناك اهتمام من اي جهة بالمبدع وأغلب المطبوعات مجهود شخصي وندفع ثمنها دون أن نستفيد أو نجني شيئا إلا أن ندون نزفنا لأجل التاريخ … شخصيا لدي ستة دواوين طبعتها في ظروف أفضل من اليوم بكثير ولكن ما زال لدي الكثير بانتظار الطباعة ولكن الأمر شبه مستحيل حاليا … ولا غنى برأيي عن الكتاب المطبوع ورقيا مهما تطورت وسائل التكنولوجيا .

كيف تنظر للمرأة في شعرك وكيف تجد المرأة كشاعرة ؟

المرأة هي الملهمة … هي الجمال الذي يجعلنا نكتب ونتغنى بالحب والأحلام … أراها غاية سامية صعبة المنال وشمسا تشع على الوجود … هي الأم و الحبيبة و الأخت و البنت … هي العطاء و النماء و الحنان … المرأة كشاعرة اثبتت روعتها و قدرتها على التحليق و الابداع و لكن للأسف هناك من يجاملونها لأنوثتها و لهذا كثير من المتسلقات أخذن لقب شاعرة دون وجه حق من جهة و كثير منهن لم يطورن أقلامهن بسبب الثناء المبالغ فيه … لكن أيضا هناك مبدعات حقيقيات و شاعرات مدهشات و بكل ألوان الشعر.

هل توافق على مقولة إن إصدار الدواوين هو إثبات للذات أولا وأخيرا؟

هو نوع من توثيق النزف أو الآهات … نعم هو يشعرنا بأننا تركنا شيئا للذكرى عندما نفارق الحياة.. ربما يقرأ أحد ما كلماتنا يوما ما بعد موتنا ولهذا الشاعر لا يموت

 ما سر نجاح الشاعر؟

العطاء والحب والثقة و الرغبة و أركز على العطاء و الحب لأنهما الأساس في كل نجاح و ليس في الشعر فقط

 لمن تودع أسرارك وأراءك الشخصية؟

ليس لدي الكثير من الأسرار بصراحة أنا شخص واضح و صريح جدا و غالبا اقول رايي لصاحب النص او الشأن مباشرة على الخاص و ليس لغيره و لا احب من يذكرون لي رايهم بغيرهم و اقول لهم قولوا رايكم لصاحب العلاقة او النص و ليس لي… اما اموري الخاصة فربما أسر بها لأمي فقط لا لسواها و لدي بعض الاصدقاء المقربين الثقة ايضا بالطبع

 لو جلست وتساءلت حول ما أنجزته فماذا تقول ؟

الحمد لله لأنني لم أتوقع يوما كل هذه الإنجازات وأهمها حب الناس لي … الحمد لله ألف مرة لأنني حققت ما أتمناه تقريبا والباقي على الله وبعلمه وحده

ماهي كلمتك لجيل اليوم ؟

أنا آسف جدا لأجلكم … أعرف أننا سنترك لكم إرثا صعبا و واقعا مأساويا وأعرف ثقل و صعوبة مهمتكم في إعادة إعمار القلوب والإنسان والبلاد …. لكن أنصحكم بالتعقل والهدوء و التخطيط والحكمة … للأسف جيل اليوم انفعالي متسرع غوغائي و لا ألومهم فواقعنا الفوضوي فرض عليهم ذلك … أقول لهم

الليل سيمضي مخذولا

مهما ماطل ..  مهما أجل

مهما في الأوداج توغل

حتى لو صب قتامته

في أوصالي … لن أتململ

و يظل يقين بي يسري

أن الصبح قريب جدا

و غدا أجمل

كلمة تحب توجيهها إلى القراء ..

أقول للقراء بعد الشكر والتحية … اقرأوا بعدل وإنصاف… لا تفكروا بالعلاقات العامة والمعارف والأصدقاء على حساب الكلمة والإبداع فأنتم سر عزيمتنا و رغبتنا في الكتابة و لكم و بكم و منكم نكتب

شكرا لحضوركم ومتابعتكم أحبتي  ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى