سياسة

وفي صدري وطن يبكي جوعا

بقلم: حنان بدران

وفي صباح ككل الصباحات الحزينة، كنت أبحث كعادتي عن المعجزة التي انتظرها من ٢ مليار عربي مسلم، معجزة أي حل عربي، أفتح أدراج أرشيف ١٤١ يوما لذكريات فواجعنا، بات عندنا أرشيف جاهز من مجزرة جثث الكلمات ومجزرة في مكامن معانيها، حين تحول رجالنا وزعماء أحزابنا الذين لطالما فرشنا لهم أهدابنا مجانا إلى كورس من النادبين في بلاط التعازي بالنكبات العربية، أمام عدونا وهو يكدس طائرته ويلملم قنابله ويصر على المضي قدما بخططه، لاستكمال الحرب المحتومة علينا بالسلاح وبالمقابل حرب التجويع حيث أخذت تلوح في الأفق، حيث ترتكب إس-رائيل الإبادة الجماعية لأهلنا بالداخل في شمال غzة عقابا على صمودهم ورفضهم الخروج من أرضهم وبيوتهم.
لم يعد أمام بكاء الأطفال جوعا وصمتنا ما يقال، لأنه لم يعد هنالك ما يصدق!
لم يعد هناك ما نخشاه لأنه لم يبق لنا ما نفقده… خسرنا كل شيء أمام أعينكم لنقول لعدونا نحن هنا باقون ما بقي الزعتر والزيتون.
ونحن في الجهة المقابلة لم يعد هناك ما نفقده… حتى ولا ادعاء الكرامة.
وعلى حد محكمة العدل الدولية قضت بأن تصرفاتها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية بطريقة ممنهجة ومدروسة ضد الشعب لتجعله يدفع ثمن صموده وتمسكه بأرضه، وفي اليوم الذي أعلن فيه قرار محكمة العدل الدولية، أطلقت كذبة تعاون بعض موظفيها مع (الاونروا): يتعاونون مع المقاومة، وعلى أثر الكذبة علقت ١٨ دولة أوروبية وأمريكا، مانحة رئيسة للأونروا أموالها للمنظمة، ولهذا فأن إنهاء الاونروا لأنشطتها بحلول الشهر الجاري. وبهذا تصبح الدول المانحة متواطئة في سياسة التجويع.
ومنذ الهجوم الأول لم يتوان كبار وزرائهم من الصف الأول عن اعرابهم عن نيتهم حرمان المدنيين الغذاء الدواء والمياه والوقود هذه التصريحات كان يقابلها تصريحات أخرى أن دخول أي مساعدات ستكون مشروطه إما بالافراج عن الرهائن الذين تم اعتقالهم من قبل المقاوم-ين أو بتدمير حركتهم.
هذا إذا غضضنا الطرف عن المساعدات التي لا تعد ولا تحصى التي يفصلها عن اصحابها ومستحقيها جدار عازل كل يوم يرفع ويزداد تعنت وتصلفا ويدعي سيادته إنه يفتح المعبر ولكن بحجة إذا دخلت المساعدات سوف تقصف من الجانب الآخر، يا سيدي إذا القي لهم في أول الطريق بالمساعدات واترك الباقي لأهلنا يتكفلون بالباقي، إذا كان التنسيق الأمني عندك مقدسا اقلها حتى لا يكتب في مزابل التاريخ أم الدنيا تحمي عدونا المشترك أكثر مما تحمي اخاها…
مهزلة في مهزلة ومسرحية التجويع والتركيع تمارس بصمت المجتمع العربي الذي يوافق بمواقفه الهزيلة والضعيفة، لا وبل وهو ماض على سياسة (احتضان العدو) من خلال امداده بكل ما يحتاج من غذاء دواء وماء… إلخ خوفا عليه من الجوع، لا وبل تسهيل الطرق البديلة له حتى بعد أن فرض عليه اليمن الحصار في البحر.
القضية الأكثر خطورة هو التواطؤ للقضاء على القضية بالضربة القاضية وتصفيتها ويعطونه الفرص ويمدونه بكل ما يحتاجه حتى يستطيع أن يستمر في عدوانه ويزيد من غاراته المكثفة حتى أحدث اضرار واسعة في كل مرافق الحياة (تهدد باستحالة استمرار الحياة للشعب) بما في ذلك قصف المخابز المطاحن، هذا كله عدا عن شح المياه تدمير الأراضي الزراعية.
يا سادتي احنِ رأسي أمام مقدسات الناس، اصلي بخشوع أي مؤمن لكن هناك كلمة لا بد من أن اقولها…
وادرك الدين أمر حساس يتجنب الكتاب الكتابة فيه والمشي في حقل ألغامه… لكن لطالما كان الدين أبدا حربا من أجل الكرامة الإنسانية والصمود كان واعيا وصحوا ورفضا للذل… أمام عدو غاشم لا مقدسات ولا محرمات عنده، أمام طمعه في قضم الأرض العربية ليقيم دولته الكبرى والتي أعلن عنها بكل وقاحه وجهارا نهارا من (الفرات إلى النيل)، أنت لا تدافع عن فلس- طين ولكن انت تحتاج أن تقتنع أن الدور القادم هو عليك إذا لم تفشل في اخضاع الداخل البوصلة…
لهذا لا يجب أبدا تحويل كفاح الدين لحفظ الكرامة الإنسانية إلى تظاهرة دعائية… قد لا أؤمن بقوى ما وراء الطبيعة لكن ضد نتائجها.
بملء صوتي اصرخ: اذهب وحارب أو اسكت، تلك هي العبادة الحقيقية الايجابية في مرحلتنا، يا سادة الحرب أيضا عبادة…!!!
لا يصلح في حالتنا ناس تموت جوعا وقهرا، والكل من حولهم يفعل بمقولة اعقلها وتوكل أي اقعد كسولا توكل على معجزات السماء الشرط الأول لعطاء السماء هو أن يعمل ليكون جديرا بعطاء السماء… أن يكون إنسانا، أي مسؤول.
سأقول للراكعين في ساحات المدن العربية من المحيط إلى الخليج لأكثر من طيف ووثن… انهضوا…
بل ربما لم نكن قط أشد حاجة إلى الإيمان بقدر ما نحن في هذه المرحلة ولكن نحتاج إلى الإيمان الواعي الايجابي.
لكن لا أؤمن أن الصلاة وحدها لا تكفي ليصل الإنسان إلى القمر…
مستشفياتنا ليست قاعدة للثوار
الكنائس ليست مصانع للذخيرة
المساجد ليست قواعد لانطلاق الصواريخ
الله ليس حدادا يصنع البنادق
عمائم الشيوخ ليست حزمة متفجرات
القديسون ليسوا فدائيين، من أجل مقدساتنا نحن وصلنا لمرحلة نحن بحاجة إلى الصواريخ والديناميت الذين يحملون البنادق لا المسابح فالحرب أيضا عبادة… بل إنها العبادة الأمثل في مرحلتنا الراهنة…
تصبحون وتمسون على حرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى