15 شعبان.. موعد مع الثورة
علي هادي الركابي| العراق
لست حزيناً، ولكن يؤلمني شعور قديم بالحزن كنت أحسبه قد ضاع في تجليات الماضي، لأنني شهدت واقعتين مهمتين في حياتي في تاريخ النصف من شعبان، ذلك الموعد الذي علمنا أهلنا أن نكون محتفلين ومنتظرين فيه لقدوم الحجة ابن الحسن (عج)، وهو ميلاده الميون، حادثتين غيرت موازين القوى في العالم وظهر فيها الشيعة ونواب الإمام عج كقوة عالمية في المعادلة التسليحية والعقائدية.
كنت في الخامسة عشر من العمر عندما احتل صدام دولة الكويت، وبعد أشهر من ذلك الاحتلال اللعين طردت أمريكا ومن معها صدام من الكويت، كانت تجليات الحصار والحرب تعيش مع ذاكرتي التي لم تثقب يوماً واحتفظت بكل تفاصيل الأيام اللعينة.
بعد أيام حدثت الانتفاضة الشعبية في يوم 15 شعبان وانطلقت شرارتها الأولى من الجنوب ومن معاقل الأبطال، كنت أشاهد الثوار وهم يهتفون باسم السيد الخوئي، الإمام الخميني، السيد محمد باقر الحكيم والشهيد محمد باقر الصدر، واربط تلك الوقائع بالتاريخ تارةٍ، وبالثورة الإسلامية في إيران تارةً أخرى، كأني في موعد مع تكرار ما حدث في 1979 في إيران، موقف السيد الخوئي كان الموقف الداعم والمنظم والقائد لتلك الثورة، التي استمرت أياما قليلة، لكن إرادة أمريكا والمحور الإقليمي معها، منعت النصر، وامتزجت دماء أكثر من 400 ألف عراقي مع تراب الصحراء اللعينة، وهُجِّر وهاجر أكثر من 200 ألف إلى إيران وصحراء رفحاء القاسية، واعتقل الإمام الخوئي واقتادوه إلى سفاح بغداد، لتطوى التجربة الأولى في التاريخ الشيعي الحديث بعبارة إنا لله وإنا إليه راجعون، وبنصر عقائدي تم تحقيقه لأول مرة بعد انتصار 1979 الفقير والوحيد.
جاء التغيير بإرادة أمريكية بعد أن فرضت المعادلات الدولية ذلك بالقوة، ونقلت المعارضة العراقية بقيادة السيد محمد باقر الحكيم القضية العراقية إلى المجتمع الدولي وإلى خط المواجهة المسلحة، ومن جانب آخر، جاء 15 شعبان 2014 وعادت بي الذاكرة إلى نفس الناريخ ونفس الموقف من نائب الإمام المعصوم (عج)، واحتل تنظيم داعش المدعوم دوليا ثلثي العراق وبدعم دولي وخيانه واضحة من الشركاء، ولو تدخل الإمام السيستاني وهو أبرز طلاب السيد الخوئي لحدث الفاجعة الكبرى وأصدر الإمام السيستاني فتواه بوجوب الجهاد الكفائي، وتقاطر عشرات الآلاف إلى الحدود وإلى معسكرات التدريب وماهي إلا أيام، وتراجع داعش عن حدود بغداد، واستمر التقدم لجنود الفتوى وبعد ثلاث سنوات تحقق الانتصار النهائي على داعش، بعد أن توقع العالم أن المعارك ستستمر لعقودٍ عدة .
هاتان الثورتان، في نفس التاريخ، ونفس الأنفاس القدسية للإمام عج كيف لا وهو تاريخ ميلاده وقاد هاتين الثورتين نوابه في عصر الغيبة الكبرى، الأستاذ، والطالب، إنها معجزات التاريخ والحاضر والمستقبل، معجزات يجب أن نقف عندها كعراقيين ونخلد هاتين الثورتين في ذاكرتنا ومدارسنا وأبناءنا فالأمم التي لاتخلد تاريخها ولا تأخذ من عبرهِ هي أمم ميتةٍ سريرياً، وأن نكتب في جدران بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا أن 15 شعبان هو موعد مع النصر ومع الإمام عج إلى يوم الانتظار .