منى مراد | القاهرة
سالت انفي و انتابتني حالة من العطس الشديدة منذ ان جلست بجواري فرائحة عطرها تُذكرني بأبلة فتحية مدرسة العلوم في المدرسة الاعدادية التي كنت اخاف حين أراها فقط في طرقات المدرسة، كنت اشُم عطرها من قبل دخولها الفصل، كان عطر برائحة الياسمين، وكنت ومازلت اكره العطور برائحة الزهور لأنها تثير حساسية انفي المزمنة التي أعاني منها منذ طفولتي لدرجة أن والداي كانا لا يضعان أي نوع من العطور لهذا السبب، كنت أخرج كتابها و كراستها سريعا حتى لا اتعرض للضرب او الاهانة لم اتهاون يوما في عمل الواجب خوفا منها وليس حبا في مادتها فقد كانت مٌدرسة عنيفة شديدة العُنف مع تلاميذها، لا يجرؤ أحد على مناقشتها أو إهمال واجباتها..
تلقت السيدة الجالسة بجواري في المترو مكالمة استمعت اليها دون قصد وهي تتوسل ابنتها ان تُقرضها بعض المال لحين قبض الجمعية لاحتياجها للذهاب الى الطبيب، صوتها مألوف بالنسبة لي، دققت النظر بها و في ملامحها فكانت هي! رغم التجاعيد الحزينة المنكسرة التي تملأ وجهها الا انني تعرفت عليها وكيف انساها فقد كان صوتها مميز مثل رائحة عطرها لكنها لم تعُد اليوم كما كانت بالأمس..