غريقٌ على الضفةِ…

 عمر هزاع-شاعر سوري

يُلَوِّحونَ.. وما يَدري بِهم أَحَدُ..

إلا الهديرُ.. وهذا الموجُ.. والزبدُ..

كانوا كثيرينَ.. غرقى.. كُنتُ أَبعَدَهُم..

وكنتُ أَقرَبَهُم مَوتًا.. ولا جَسدُ..

وكنتُ أوَّلَهُم وَردًا.. إذا وَرَدُوا..

وكنتُ آخِرَهُم دَورًا.. إذا صَعِدُوا..

وكنتُ أَطوَلَهُم جُرمًا.. ولا أَبَ لِي..

وكنتُ أَعرَضَهُم جُرحًا.. فَلِي وَلَدُ..

وكنتُ؛ وَحدي؛ أَراهُم.. كنتُ أَسمَعُهُم..

حيثُ الفراغُ أَيادٍ.. والمَدى مَدَدُ..

لا عاصِمَ.. اليومَ.. لا فُلكٌ.. ولا جَبَلٌ..

ولا نَبِيٌّ.. ولا طَوقٌ.. ولا وَتَدُ..

تَقَلَّبوا في جَحيمِ الماءِ.. أَضرِحَةً..

والأرضُ تَلطِمُ خَدًّا.. والعُبابُ يَدُ..

تَشُقُّ جَيبًا.. وَتَبكي.. حَسرَةً.. فَزَعًا..

حَدسًا قَديمًا.. بِلا عَينٍ.. وتَنتَقِدُ..

وبِالجِنازةِ؛ نَحوَ الزُّرقَةِ؛ اندَلَعَتْ..

ثَكلى.. تُؤَثِّثُ قَبرًا مااا.. وتَرتَعِدُ..

والريحُ تَفتحُ أَقواسًا.. وتُغلِقُها..

بِها تُفَسِّرُ مَن مَرُّوا.. وَتَجتَهِدُ..

تَقولُ: عِندَ اقتِحامِ اللُّجَّةِ التَحَمُوا..

كَأَوَّلِ الخَلقِ.. بِالطُّوفانِ.. وانفَرَدُوا..

فَجَسَّدُوا؛ بِرذاذِ الرُّوحِ؛ أُبَّهَةَ ال

نِّهايَةِ المَحضِ.. لِلأفكارِ.. إذ شَرَدُوا..

أَكانَ يومًا؟ تُرى! أَم أنَّ أَزمِنةً؛

مِنَ الظلامِ استَمَرَّتْ؛ ما لَها عَدَدُ؟!

سُدًى.. أَدورُ.. كَأنَّ المُطلَقَ انتَثَرَتْ

فِيهِ دِمايَ.. وبِاللا شَيءِ مُحتَشِدُ..

حتَّى تَراخى غُبارُ الليلِ.. عَن قَمَرٍ..

كَأنَّهُ؛ بِحِبالِ الموجِ؛ مُنعَقِدُ..

غَنَّى؛ لِكارِثَةٍ شَعواءَ؛ مَلحَمَةً..

طُقُوسُها: الماءُ.. والإنسانُ.. والأَبَدُ..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى