مقال

النضج.. ما بين المفهوم والتجربة

د. هند عثمان| مصر
عندما أثارت ضي رحمي الجدل حول مفهوم النضج… تمنيت أن أقرأ كلمات تغازل عقلي وتشدو حول فكري لتجد الإجابة؛ ولكن لم أرى ما تمنيت من إجابة شافية وافية ملخصة في سطور قليلة تفرض نفسها على النضج، وتنتصر على هذا المعنى الجامع الشامل الذي هزم الجميع أمام مقصودة وحير الفئات المختلفة حول مدلوله..
أيقنت أن الاختلاف ليس فى مفهوم النضج ولكن كان في التجارب المتنوعة للجميع ،فالخروج منها على قدر صعوبته يلازمهم بمفهوم النضج كي يضفو بالعقلية الواعية المستسلمة للواقع بطريقة حرفية وتقنية عالية الجودة من عقل الإنسان ..
تسارعت جميع الفئات العمرية والثقافية فى الإجابة على السؤال، فمن المتعارف عليه فى مجتمعنا الرد للضحك والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن كان من البعض الآخر ردود واقعيه من تجاربهم الشخصية فبحثت وراء كل تعليق وجدت من نضج بناءً على آلامه وفجاعته في الحياة ، ومن كان الفراق هو النقطة الفاصلة لديه فى بناء النضج، ومن كانت ركلات الحياة قويه عليها فنضجت دون شعور ، ومن وصل للسلام الداخلي النفسي واعتزل الجميع ووجد النضج من هذا المنطلق ، ومن كانت رحلتها في الحياة قصيرة فانتهت بالنضج دون سابق إنذار ، ومن كان له نصيب في النضج المبكر بتحمل المسؤولية على عاتقه ، ومن كانت أحلامها كبيره بالحياة واكتشفت أن لولا الحلم لفارقت الحياة واستمرت في الحلم فجاءت بالنضج كوسيلة تبرر الغاية ، ومن كان يبحث عن العدمية فوجدها فى النضج…
هل هو مرحلة السلام التي نصل إليها بعد طول المسير والهوان، فنسكن، نعرف الفارق بين كل المشاعر ونقائضها كما اقترح البعض.. ام كما قالت أحدهن أنه الانطباع الأول للبشر خادع للغاية بينما الرجفة الأولى التي يرسلها القلب بالخير أو الشر هي الحقيقة الكامنة خلف الأقنعة.
بعد التعقيب على الجميع لابد أن يكون لي رأي متواضع جدا في موضوع النضج ومعناه.. فمعنى النضج من وجهة نظري هو أن تفهم حكمة الله في الأمور كلها وتعي قدره أنه كله خير سواءً مرت بك صدمات الحياة أو وصلت لطريق السلام النفسي بعد عِراك طويل مع الحياة أو أخترت العزلة كصديق أبدي.
النضج هو ذلك الطفل الذي وقف بين المخيمات الفلسطينية المحترقه من شظايا قذائف الاحتلال الغاشم، وقد فقد أبيه وأمه وبكى بوجع ثم نهض يلملم لعبته ويجري وراء العربات التي تحوي النازحين حتى يُكمل المسيرة دون يأس.
النضج هى عملية نضج العقل والقلب والروح دفعة واحدة بدون إدارك من صاحبه بهذة العملية كيف أُجريت بأيدي خفية لا نراها ولكن نستشعرها دوماً، هو التسليم لإرادة الله فى كل شئ ؛هنا يكون النضج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى