أدب

دائرة وجع.. من مذكرات فتاة تونسية

نزهة المثلوثي | تونس
كانت الفترة صعبة جدّا
لم يكن أحد يعرف ماكان يحدث في مستشفى “سيونفيل “في تلك الغرفة من قسم الأطفال في ذلك العهد

لم يرها أحد تُخرِج لسانها وتحرّك أصابعها ويديها حركات بلهاء لتستفزني
و لم يرني أحد أضربها وأجذبها من شعرها فتطلق عقيرتها بالعويل والبكاء والصراخ
فتأتي الممرّضة لتجدني واقفة حذو السرير فتضربني بقوة وتلقي بي على السرير من جديد…

لا تهدأ الأصوات في الغرفة ويمضي الوقت في دورة منتظمة بين بكاء الطفلة البلهاء وغمغمات الممرّضة الشّمطاء وصياحها وتهديدها ووعيدها
كنت أتوجّع في صمت بعد كلّ هجمة وتعنيف منها… وكان الطّبيب يتساءل عن سبب الأوجاع وآثار العنف أثناء كلّ فحص….
لقد كان نزولي من السرير يغضبها ويثير عدوانيّتها الهمجيّة فتعاقبني وتأمرني بملازمة الفراش والبقاء فيه بلا حركة ولم يكن يعنيها ما يحدث في الأسرّة من تبلل واتساخ أو بكاء وصراخ…
أمّا الممرّض الذي يأتي من وقت لآخر فيغرق في نوبات من الضّحك حين يراها ويرانا على تلك الحال ..
كان يسمح لي بالمشي داخل الغرفة و يسمح لأمّي بزيارتي مرتين في اليوم فتنظّف جسمي وتغيّر ملابسي بعد أن يوصيها بالتّظاهر بعدم علمه بدخولها وبأن تخبر من يصادفها _ سواء كان مراقبا أو طبيبا _ بأنّها دخلت خلسة وفي غفلة من الحارس والممرّضين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى