فكر

مشكلتي والتطور التحوليّ!

د. محمد السيد السّكي | القاهرة
استشاري التحاليل الطبية والكاتب والروائي

أتعجب كثيرا من حال هؤلاء الذين يصفون انفسهم بأنهم على رأس هرم العلم وأنهم يملكون ناصيته بل ويتحدثون بلغة الإصدار الحصري اليقيني معتقدين أن الانسان تطور من القرود العليا بل ويرفضون أي منطق مضاد.. وفي ذلك الصدد سأحاول توضيح رؤيتي في النقاط الآتية:
-سيظل اليقين طفلاً يتيماً مكتوباً له ان يعيش في الدنيا ليكابد عناء الوحدة والشقاء، ويظل محروماً من دفء الثقة وانتفاخ اوداج الكبر والتحقق وبلوغ المراد..
تقوم التجربة الدنيوية على مبادئ اساسية اهمها انها دار اختبار تثمر فيها ثمار الاختلاف وتأفل من سمائها نجوم اليقين ويعلو على الدوام صوت الشك والمظنة..
وستبقى نتائج العلم نسبية غير يقينية مهما حاول البعض ان يسوّق لها على أنها حصاد اليقين، فالعلم مجرد مقاربات نقترب بها من ظل اليقين الذي لاندركه الا بزوال بعد من أبعاد حقيقته.اذ ان الأجسام ثلاثية الأبعاد نرى ظلها ثنائي الأبعاد..
-تحدث طفرات مستمرة في التركيب الجيني للكائنات الحية والتي قد تجعلنا امام إنتاج بروتينات غير طبيعية وبالتالي صفات أخرى..
-هناك توازن طبيعي واليات كثيرة داخل الخلية تعمل على إصلاح العيوب التي تحدث في الجينات وتلافي حدوث الطفرات..
-كل الشواهد تدل على احتمالية اكبر لحدوث عملية التطور في نفس النوع micro evolution والشاهد عليها وجود Strains عديدة لنفس نوع البكتريا والفيروسات بل والسحالي والثعابين وغيرها..
-جائزة نوبل في الكيمياء عام ٢٠١٨ والتي تم منحها للذين توصلوا لإنتاج نوع من انزيم subtilisin أشد كفاءة لاحداث تحلل لبروتين اللبن كازيين بل وذوبانا في مذيب DMF وتم الحصول على النوع الأكثر نشاطا للانزيم من خلال أحداث عدد من الطفرات المهولة والتي تم اختز ال مدة حدوثها الي اسابيع في داخل المعمل بدلاً من مليارات السنين اذا ماحدثت طبيعيا مما يدل على أن الطفرات مهما تعددت وتكررت فانها لن تكون مسئولة عن أحداث تغير في النوع وتطور من كائن الي اخر بل تظل محدودة تحت سقف تطور في النوع نفسه فقط..
– مهما تشابه التركيب الجيني للإنسان مع كائنات وانواع أخرى لدرجة تتخطى ٩٩.٩٩ ٪الا انه سيبقي مميزاً بالنفخة المقدسة وبضميره الواعي وسيظل هو الخلق الواعي المتفرد..
-يدل تشابه الجينوم البشري مع غيره من الأنواع الحية على وحدة الخالق لا وحدة الخلق..
-الحوض الجيني الكبير المتنوع للإنسان يجعله قادرا على التأقلم مع بيئته وصالحا لكل الازمان لا لأن يكون نتاج تطور من حمض اميني او بكتيريا او قرد وإنما هو خلق خاص مثله مثل جميع الكائنات..
-دعم فكرة تطور نوع الي نوعMacro evolution ماهو الا تكريس لفكرة تكون الكون الذاتي الغير موجه والغير المنظم من قبل الخالق القدير..
-سيظل الملحدون يعتقدون انهم هم على صواب محاولين الهرب مما يعتقدون انه زنزانة الإله، واني اؤمن انه ان تعيش على وهم وجود الإله الف عام خير من تعيش ثانية واحدة مع وهم عدم وجدوده لان ايمانك بوجوده لن يجعلك تخسر شئ ان لم يكن موجودا اللهم إلا رقيك الأخلاقي وسموك النفسي وتخطيك لحاجز شهواتك..
لا يوجد صدام بين الدين والعلم وهؤلاء الذين يروجون لمفهوم القطيعة وضرورة القفز على قصة الخلق في القرآن والادبيات التوراتية هم أهل بغي وتطرف لا اهل فكر ورؤية وروية ونور ..
على افتراض صدق فراضية حدوث التطور بين الأنواع وان الانسان محصلة مجموعة من التطورات بدأت بحمض اميني نتج عن تجمع ذرات للكربون والهيدروجين والأوكسجين و النيتروجين التحق بهم الكبريت والفوسفور وصولا في سلسلة التطور للإنسان فإنه تستوقفني بعض الأسئلة التي تحتاج الاجابة ومنها
كيف استطاع الانسان الأول الذي نتج عن طفرة حدثت في القردة ان يتعامل مع بيئة والديه طبيعتهم البيولوجية والنفسية وماهو سلوكهم نحوه؟
لايمكن انكار قصة الخلق واضحة الدلالة التي ذكرها القرآن الا اذا افترضنا حدوث تحريف فيها وسيتبع ذلك رفض للنص القرآني..
محاولة لي عنق الفهم لجعل الآيات تتوافق مع مفهوم التطور التحولي عبث وضد المنطق..
تتحدث الآيات في القرآن ان عملية الاخراج لدي آدم بعد المعصية كانت غير موجودة من قبل المعصية..
عند التمعن في قصة آدم يتضح لنا أن الجنة التي كان فيها هي رحم اعداد له تجعل الله يضعه في حاضنة تشبة جنة النعيم يستطيع فيها ان يتخذ القرار بالمعصية فيطمئن الله عليه عمليا انه قادر على الاختيار السلبي وعلى المعصية حتى وفي حضرته الالهية المباركة مما يعني انه لو كان تطور من نوع آخر من المخلوقات لما احتاج لرحم الاعداد تلك ولتشابه مع باقي المخلوقات في عملية الاخراج؟
-سيظل دعاة الخلق الطبيعي الغير مدفوع بطاقة الوعي الإلهي البديع عاجزين عن تفسير وجود الغرائز في الكائنات المميزة لأفراد النوع فمثلا من أين تعلم القط ان يدفن بوله !..
كانت هناك اسلاف بشرية قبل ادم في الأرض تشبهه في عنصره الطينى ولكنه تفتقد لعنصره الروحي..
– ولتكن على يقين ان الله البر الرحيم يراعي في حسابك كل حيود ذرة في جزئ بروتين اكسبتك جحودا وانه ليراعي كل لقمة ندية انبتتك وكل حضن اسعدك وكل جرح نفسي أو اجتماعي اغار على طمأنينة فطرتك.. انه الله العدل الصمد
-سيظل العلم مجرد مقاربات نقترب من ظلها، اذ اننا نعتقد مثلا ان الفيروسات هي سبب الأمراض ونغفل مثلا درجة ارتباط اشواك الفيروس بمستقبلات خلاياك والتي ربما هناك طاقات مخفية هي السبب في تقويتها ومن ثم حدوث الاختراق لخلاياك وحدوث المرض..
-اني اؤمن ان عمر الآدميين على الأرض لا يتخطى الأربعة عشر ألف عام وانهم لم يعرفوا عصور الحجر و ما قبل النار وإنما الانسان عرف الزراعة والنار والملبس منذ اول عهده بالارض لانه متميز عقليا ومؤيد في البدايات برعاية السماء والرب الحكيم الرحمن..
-الخلق الذي قبل آدم والذي يشبهه في تركيبه الطيني والجيني هو خلق يفتقد لوجود الوعي او النفخة المقدسة وهو الذي سفك الدماء وابيد باكمله بعد نزول آدم للارض..
ما اجمل ان يجتمع وعاء الإيمان بعذوبة سائل العلم السحري!!.
يامن تعزف لحنا عبثيا تنفر منه اذان النفس المطمئنة لنور الإله الذي يسري في دماء وعاء جسدها الحاضن.. كفاك عبثا..
لن تتذوق كأس النور السحري الا عندما تذوب علوم الحداثة بمذيب علوم السابقين السادة وتتراقص على انغامه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى