سياسة

اغتيال هــHـــــنـــــNيّـــــــــة منحة ومحطّة في طريق التحرير!

الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام |القرارة – الجزائر 

قوافل الشّهداء تتتابع، وقوائم القادة المغتالين تتوالى، ووقود المقاومة الفلسطينيّة يتضاعف، وحماسة “حHـــــمMـــــاس” تشتعل، والمساندة للقضيّة الفلسطينيّة تتكاثر، والالتفاف حول الحقّ المشروع يقوى..فماذا تجني الصّهيونيّة من أعمالها الوحشيّة المتهوّرة سوى الخسران المبين والفشل الذّريع.. هي بهذه الأفعال الدّنيئة تبحث عن حتفها بظلفها، وتدقّ مسامير في نعشها واحدا واحدا وبسرعة فائقة ودقيقة.
من هذه المسامير الكبيرة الغليظة المؤثّرة في وجودها فعلُها الجبان غير المدروس بعناية ودقّة؛ اغتيال رئيس المكتب السّياسي لحركة حماس العملاقة القويّة المجاهد الكبير المحنّك إسماعيل هنـــ$ــيّــــHـة – رحمه الله -. بعد اغتيال الشّيخ أحمد ياسين رمز المقاومة الباسلة ورأس التّخطيط والتّدبير والتّفكير في جهاز المقاومة الشّرعية قبل عشرين سنة (2004م) وتتابع اغتيالات القادة البواسل: الرّنتيسي والزّهّار وسعيد صيام وغيرهم..جاء الدّور اليوم على قائد آخر كبير في نفسه وجهاده ومقاومته وشجاعته.. ” إسماعيل هنيّة ” الذي أذاق الصّهاينة الأمرّين، فلم يستطيعوا القضاء عليه، رغم قيامهم بأربع محاولات سابقة لاغتياله؛ لأنّه – ببساطة- استعصى على مناورات العدوّ وتخطيطاته ومؤامراته، بالتّعاون مع حليفتهم أميركا والخونة وذوي القربى الأذلّاء للقضاء عليه وعلى أنداده وعلى المقاومة الباسلة المتوغّلة في جسم العدوّ في كلّ المستويات، وبكلّ الطّرق التي عجز أن يضع لها حدّا.. حتّى اختار طريقة الجنباء الذين لا يقوون على المواجهة العلنيّة، وعلى سَنَن الشّجعان، فلجأإلى الاغتيال عن بعد، وهويظنّ أنّه بذلك يقضي على قوّة المقاومة، ويطفئ شعلة الحماسة لتحرير فلسطين منه ومن أمثاله من الخونة والأنذال والمتعاونين معه..ويحسب أنّه بهذا الاغتيال الـمَشين يزرع الرّعب والفزع في قلوب الرّجال المرابطين في ميادين المعارك..
هذا حساب منه خاطئ، وتفكير غبيّ وتقدير سيّئ..يعود عليه بالوبال والهلاك والفناء؛ لأنّ التّنكيل بجهاد المخلصين يزيد الثّورة اشتعالا، ونار الانتقام اتّقادا، ويمدّ المرابطين في الميدان بطاقات مضاعفة.. فمتى كان قتل الأحرار سبيلا لتوقّف الجهاد؟ومتى كان اغتيال القادة وسيلة لإرهاب جنود الميدان؟ ومتى توقّف النّصر عند الأفراد؟
هذا العدوّ الجبان الغبيّ لا يعتبر بالثّورات التي قامت في العالم في حقب مختلفة، وكان مآلها انتصار أصحاب الحقّ فيها، واندحار الغاصبين والظّلمة والمعتدين..هذا ما يسير إليه هذا العدوّ السّاذَج في تدبيره، المغرور والمغترّ بمن يسانده من قوى الشّرّ العالميّة، والخونة المطبّعين معه.
استشهاد ” أبو العبد إسـSـــاعـــYــيل هنيّـــــHـة ” قدر ساقه الله ليكون حلقة في سلسلة الانهزامات التي تلاحق العدوّ، ومحطّة في مسار زوال هذا الكيان المتغطرس، الذي يلفظ أنفاسه؛ لأنّ المقاومة ستشتدّ اكثر والحماسة ستتّقد في النّفوس أضعاف ما كانت عليه قبل عمليّة الاغتيال، والانهزام النّفسي سيتكاثر في نفوس الصّهاينة، والأيّام بيننا لتتجلّى هذه الحقيقة بإذن الله.
يُذَكِّرني اغتيالُ البطل الرّمز إسمـــــاعيل هنيّــــــــة بما أقدمت علية فرنسا سنة 1956م في خضّم الثّورة الجزائريّة المظفّرة حين دشّنت المقصلة بإعدام أحد رموز الثّورة “أحمد زبانا “؛ لترهب الثّوّار الجزائريّين في الميدان، لكنّ هذه العمليّة الشّنيعة زادت الثّورة اشتعالا والحماسة للاستقلال اتّقادا.. في هذا الحدث العظيم نظم شاعر الثّورة الجزائريّة مفدي زكريّاء قصيدة طويلةعنوانها: “الذّبيح الصّاعد” كلّها رسائل عميقة الأبعاد والدّلالات موجّهة لـمن يهمّه الأمر، وكلّها استنهاض وتحريض على مضاعفة العمل لتحرير الوطن.. كانت – فعلا – زادا للمجاهدين في جميع الأصعدة، فجاء الاستقلال بعد ذلك والحمد لله.. فاغتيال إسماعيل هنيّة حدث له الصّبغة نفسها والتّأثير ذاته. هذه أبيات من القصيدة:
يَا”زَبَانَا أَبْلِغْ رفَاقَكَ عَنَّا فِي السَّمَاوَات، قَدْ حَفظْنَا العُهُودَا
وَارْوِ عَنْثَوْرَةِالـــجَزَائرِ لِلأَفْـــ لَاكِ وَالكَائِنَاتِذكْــــرًا مــجيــدَا
ثَـورَةٌ، لَــمْ تَـكنْ لبغيٍ وظُلْمٍ في بلَادٍ ثَاَرتْ تَفُـكُّ القُيُودَا
ثورَةٌ، تَـمْـلَأُ العَوَالم رُعْبًـــا وَجــهادٌ، يذرُوالطُّغاةَ حَــصيـدَا
كَمْ أَتَــيْنا منَ الخَوَارق فيها وَبَهَرْنَا بالــمُعْجِزَاتِالوُجُـــــودَا
وَانْدَفَعْنَـــا مِثلَ الكَوَاسِرِ نَرْتَـا دُ المَنَايَا وَنَلْتَقي البَـــارودَا
وَإذَا الشَّعْبُ دَاهَمَتْهُ الرَّزَايَا هَبَّ مُسْتَصْرِخًا، وَعافَىالرُّكُودَا
وَإذَا الشَّعْبُ غَازَلَتْهُ الأَمَانِي هَامَ في نَيْلِهَا، يَدُكُّالسُّدُودَا
الاستعمار الفرنسي الغاشم قام بإعدام أحمد زبانا بالمقصلة سنة 1956م، فكانت هذه الحادثة وقودا زوّد المجاهدين بالطّاقة التي دفعت بهم لمضاعفة العمل فحرّروا الجزائر سنة 1962م.كذلك فإنّ حادثة اغتيال البطل الرّمزإسماعيل هنيّة تكون بإذن الله الحلقة الباقية لدحر العدوّ وتحرير فلسطين، وما ذلك على الواحد القهّار بعزيز، وما ذلك على المجاهدين المخلصين المرابطين ببعيد..(إنَّا لَنَنْصُرُ رُسلَنَا والذين آمنوا في الحياة الدُّنْيَا وَيَومَ يقومُ الأَشْهادُ)( غافر/ 51).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى