فكر

اكتشف نفسك!

د. محمد السيد السّكي

استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي مصري

الجميل والمحمود في صفحات كتب التنمية البشرية انها تحضك على العمل الدؤوب ومحاولة استغلال مواردك الداخلية وطاقاتك و موهبتك ولكن القبيح فيها إنها تصدر لك احيانا الوهم وتصور لك ان الحمار سيصبح حصانا..
من الأهمية بمكان ان تضع يدك على معالم نفسك وتكتشف مواطن قوتك وضعفك و تدرك دورك في الحياة وفي سلمها ومسرحها.. جزء مهم جدا في جميع منظومات التعليم الهادف حول العالم معرفة ذلك لكي يتم وضع التلميذ في الطريق الصحيح فيخرج الي مسرح الحياة المتفرد والمتمكن ويصبح لدينا خارطة بمواهبك او مايمكننا التعبير عنه بلمبات عقلك وجسدك والوانها وتردداتها وكيفية الاعتناء بها وتنميتها..
لن تصبح ابدا اللمبة ٢٠ وات بقوة اللمبة ٢٠٠ وات ولكن عدم الاعتناء باللمبة ٢٠٠ وات قد يفقدها بريقها و رونقها.. لن يصبح اي شخص عادي كالعقاد مهما قرأ الآلاف من الكتب ولكن قد نرى عقادا يضيع وقته في عثرات الحياة وهمومها وجزيئاتها اليومية..
أنت تمارس الرياضة لتقوية عضلاتك ولكنك ستتغلب بصعوبة شديدة على الافريقي المولود في مناطق الهضاب والجبال العالية الذي سيكون ذو رئة أوسع منك كما يخبرنا الواقع ويعلمنا Epigenetics..
لن يصبع القرد إنسانا ولا الحمار اسدا ولكننا نبحر في بحر محدد الشطآن و انواع الأسماك.. انت لا تملك حرية الا في اختيار الأشياء من منطلق نيتك وحرية اختيارك المتمثلة فيها وإنما لا تملك من ظروف الفعل شيئا.. نحن نركض يمينا ويسارا وببطء وبسرعة لعلنا ندرك ابواب القدر التي بالولوج منها يصبح للحدث معنى.. ستحاسب ان لم تتحرك فربما يكون لك في كل خطوة باب قدر وربما يكون لك كل عشرة أعوام بابا..
لو انك تملك ناصية الفعل وتتحول نيتك دائما الي فعل لانهار الكون في زمن اقل من زمن بلانك الكوني.. لايكون في الكون الا ما أراد الله ولكن لاتعطل ترس حركتك وكن كالطيرالمطعم ولا تكن كالطير الجريح.. ليس حجر سبينوزا وحده بالذي يصرخ بانني مقيد مهما تصور الجميع انني حر وطليق.. واعلم ان الله الكامل العليم المحيط اعد الحياة لا ان تركض فيها وإنما لكي يختبرك فيها وتكشف من خلال طاعتك وعصيانك عن ذاته المباركة..
لو لا التنظيم الإلهي مااكل صقر وعصفور ولا تواجد العائل و الطفيل وإنما كل همسة وحركة بتقدير وتدبير.. لا تموت وفيك بذور إبداع وعطاء وعمل واعمار جعلها الله مكنونة ومستودعة فيك.. من المهم ان تعرف وتحدد رسالة وجودك.. ليس عيبا ان تتخبط ولو اعوام وتهيم تائها لمعرفة نفسك لأنك ما ان تعرفها تتجلى عطايا العمل منك في لحظات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى