أدب

ركام الأدمغة

عبدالله زيادة ابوخالد

      في ليلة السراب.. ظننت ُ الحقيقة شابا ً في مقتبل العمر .. يصارع الماضي ليتذوق العيش .. لكنها قاتلة تلك اللحظة التي يتوارى فيها المنطق خلف غمام الوهم .. يتصارع الواقع ليصبح أكثر خيالا ً من الخيال .. تحلق الظروف في أدمغة الحمقى على هيئة غراب ٍ يقتل كل شيء .. ذلك القناع كان أكثر وضوحا ً من الوجوه الشاحبة باليأس .. أقفلت عيني لأبصر أكثر ..فأدركت في ثواني الظلام الجواد العربي في الإسطبل الماكر ..يزرع الزيتون من دمنا ..ويقتلع الابتسامات بتاريخ ٍ مزيف ..تلك الليلة كانت أكثر صدقا ً من زمن ٍ يكتظ بالمظاهر المزيفة .فالمنافق كان صريحا ً هذه المرة .. لم يكره أحدا ً أكثر من ذلك الذي كان عكازه حينما كان عاجزا ً .. بل أحرق ربيع الود بهشيم التخاذل .. حفنة أعراب ٍ لا تجمعها سوى اللغة ..لنقاش سيول الخلافات .. الوجع ليس بأن تتألم بل أن تعيش على ضفاف ويلات المحبين .. وأن تكبر فوق ركام جراحهم ..أي ُ أناس ٍ هؤلاء الغرباء ..الذين ولدوا في زمهرير الوطن ..ثم تركوه وحيدا ً يأن من خيانة الطقوس ..يشعر ُ بالبرد الشديد بعدما تلفحوا بخيرات القادمين من خلف البحار لوأد ِ مسقط الرأس في لثام التآمر .. آهات المكلومين سياج الآخرة والحد الفاصل مع الخنوع .. تستمر المعاناة دون كوب ماء .. متلطخ بالدماء .. ولقمة العز من بذور كرامة ٍ زُرعت في أرض الرباط فقط ..فتشكلت فيه سنابل القمح على هيئة إشارة النصر وما بينهما دمعة ومحنة وبحر ٌ من أنين .نعم تسلّق العربي ُ فوق أحبالنا الصوتية ..محاولا ً نزع صبرنا بالحمد ..ظنّ أننا سنموت ُ من العجز .. في ظل التصحر الفكري والسياسي المقيت ..ولكنها إرادة الله أن يبزغ الفجر في قلوب ٍ لا ترى سوى الصبر .. هيهات لها أن تركع أو تذل .. شعب ٌ أشاد من الركام جسرا ً للأمل ..ومن الآهات سلاما ً لوعد الله القادم .يسقط الشهداء في عُلو ٍ لا يُحلق فيه سوى المؤمنين..نعم في تلك الليلة الضبابية كانت العروبة سهم الوضوح في خاصرة الوطن .. وكنا وحدنا ..وحدنا فقط ..من يزرع النصر ويمضي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى