فيزياء العالم الثالث (قانون الطفو)
د. طارق حامد
يشي هذا القانون باختلال المعايير والموازين في عالمنا العربي حيث يقدم أصحاب المهن التي كانت تعتبر في السابق وقديما كانت تعتبر مهنا محتقرة وكان صاحبها لايقدم للشهادة و لاتقبل شهادته مثل مهنة التمثيل والغناء وخيال الظل وغير ذلك التي طفت علي سطح العالم العربي مثل الزبد الذي يظهر على سطح البحر ويغطي على النفائس التي يحتويها البحر والأسماك و الدر والجواهر التي تكمن في قاع البحر كما قال شوقي عن اللغة العربية:
أنا البحر في احشائه الدر كامن. فهل ساءلوا الغواص عن صدفاته
هكذا يعمل قانون الطفو في عالمنا العربي فلاعبي كرة القدم يتقاضون مرتبات تربو على الخيال بينما علماء الدين والدنيا مثل علماء الفيزياء والطب والصيدلة والهندسة و المخترعون لا يعرفهم أحد فاذا سألت أحدا من العامة عن أحد المغنيين أو المطربين ستجده يعرفه ويعرف كل شيء عنه وكل تفصيلة بل وكل حركاته وسكناته ومن تزوج و من طلق، كل تفاصيل حياته يعرفها ويعرف متى ولد وحينما يموت هؤلاء تجد العامة يذرفون عليهم الدموع ويترحمون عليهم و هذا مطلوب ولكن في المقابل اذا مات احد علماء الأمة فلا يعرف عنهم أحد ولا تنشر أخبارهم في الجرائد ولا في مواقع التواصل ولا في غير ذلك ولايعرف عنهم أحد شيئا مثل هؤلاء الممثلين وغيرهم من المشاهير، فهذا قانون الطفو هو قانون اختلال المعايير واختلال الموازين و يشي بتخلفنا الحضاري فلا تتقدم الامم بمثل هكذا قيم دونية ولكن تتقدم بالعلم والعمل والإيمان والإخلاص، تتقدم بضبط الموازين وضبط المعايير وتقديم من يجب أن يقدم وتأخير من يجب أن يؤخر، فنجد على سبيل المثال لاعبا مصريا في إحدى دول أوروبا يتقاضى راتبا شهريا مثلا 300 ألف جنيه استرليني أسبوعيا بينما عالما مثلا الدكتور مجدي يعقوب مثلا كم كان يتقاضى لا يعلم احد ربما يعني 10% مما يتقاضاه هذا اللاعب ،عالم آخر مثل الدكتور أحمد زويل – رحمه الله – كم كان يتقاضى، أخذ جائزه نوبل مليون دولار وحينما أراد أن يقيم صرحا علميا شامخا في مصر أهاب بالناس لكي يتبرعوا لكي ينشئ جامعه زويل وربما لم تخرج إلى النور حتي الآن، كل الناس يعلم من هو الممثل الفلاني ومن هو المطرب العلاني بينما لا يعلم عن عالم مثل الدكتور شريف الصفتي العالم في النانو تكنولوجي في المواد المتناهيه في الصغر الذي قام بتوفير ملايين الدولارات لدولة اليابان في تنقية المياه من تسرب و انفجار مفاعل فوكوشيما باستخدام الصحارات المتناهية في الصغر في تنقية المياه من الإشعاع النووي الذي نجم عن انفجار مفاعل فوكوشيما في اليابان حيث كانت كلفة هذه الصحارات المتناهية في الصغر دولارا واحدا فقط بينما تبلغ تنقية المتر المكعب الواحد من الماء بالطرق التقليدية كان يكلف مثلا الف دولار هل يعلم أحد عن عالم مثل الدكتور شريف الصفتي وعلماء كثر من العالم العربي لايعلم عنهم أحد لأنهم مجهولون ولا يقدمون في المحافل العلمية والدولية بينما نجد هؤلاء السفلة من القوم الذين يغنون ويمثلون يغيبون الوعي العام للأمة كالمخدرات التي تجعل الإنسان في حالة لا يستطيع فيها حتى أن يقضي حاجة و أعتذر عن هذا اللفظ لأن هذا هو حال أمتنا العربية والإسلامية التي اختلت فيها المعايير وانقلبت فيها الموازين وتخلفت في دروب الحضارة وأصبحت حضارتنا الإسلامية والقيمية التي أسس لها أجدادنا الأفذاذ بالعلم والإيمان والعمل والإخلاص والتفاني أثرا بعد عين.