مقال

معضلة سوء صياغة نصوص قانون الايجارات بشأن حالتى إخلاء العين المؤجرة

المستشار محمد خلف | القاهرة 

قانون الإيجارات القديمة في مصر يشير إلى القوانين التي تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر في العقود التي تم إبرامها قبل عام 1996،  و عقود الايجار القديمة تختلف عن عقود الايجار الحالية التى تخضع للقانون المدني في عدة جوانب هامة منها ان الاجرة ثابتة لا تتغير خاصة فى الاماكن السكنية فى حين انها زادت بمبالغ ضئيلة فى العقارات المؤجرة للاغراض التجارية ، و كذلك تمديد عقود الايجار حيث تمتد تلقائيًا لتشمل ورثة المستأجر بعد وفاته و لكن تمتد لطبقة واحدة من الورثة و هم الوالدين و الزوجين و ابناء المستأجر الاصلى فقط ، كما كان هناك صعوبة شديدة فى اخلاء المكان المؤجر او فسخ عقد الايجار .

والتعديلات الأخيرة على قانون الإيجارات القديمة التى صدرت بموجب القانون رقم  164 لسنة 2025 ادت الى زيادة قيمة الإيجارات تدريجيًا، بهدف تقليل الفجوة بين الإيجارات القديمة وقيمة السوق. 

و قد تم تحديد مدد زمنية لانتهاء عقود الإيجار، سواء كانت سكنية أو غير سكنية، مع منح المستأجرين مهلة لترتيب أوضاعهم،  تنهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكني بانتهاء 7 سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهى عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكني بانتهاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل به .

و ما يهمنا فى هذا المقال ان القانون استحدث حالتين يجوز فيهما للمؤجر ان يطلب اخلاء المستأجر قبل مرور المدة المحددة فى القانون للاخلاء  و هما :

– إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلقًا لمدة تزيد عن سنة دون مبر ر .

– إذا ثبت أن المستأجر يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية، بحسب الأحوال، قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعـد مـن أجلـه المكان المؤجر .

و اذا نظرنا الى هاتين الحالتين نجد انها تفتقر للدقة فى الصياغة اذ انهما لم تحدد فى حالة الاولى التاريخ الذى تبدأ به حساب مدة السنة التى يثبت خلالها ترك المستأجر للعين المؤجرة ، فهل يبدأ حساب مدة السنة من تاريخ نفاذ القانون ام تمتد الى الفترة السابقة على صدور القانون ؟ ، و كذلك فى الحالة الثانية فما هو التاريخ الذى يعتد به فى ملكية المستأجر لوحدة سكنية او غير سكنية حسب الاحوال ، هل يبدأ من تاريخ نفاذ القانون ام تمتد للفترة السابقة على اصدار القانون ؟؟ 

و اذا كان الاصل هو مبدأ الاثر الفورى لسريان القانون بمعنى ان القانون لا يسرى الا على الوقائع الاحقة لنفاذ القانون اى على الوقائع التى تقع بعد صدور القانون و لا تمتد الى الوقائع السابقة عليها ، و وفقا لهذا االمبدأ ، فان حالة الاخلاء الاولى يشترط فيها ان يكون ترك العين لمدة تزيد على سنة تالية على اصدار القانون ، و كذلك فى الحالة الثانية للاخلاء حيث يشترط  ان يتملك المستأجر الشقة او المحل بعد سريان القانون اما التملك السابق على هذا القانون فلا ينطبق عليه الحالة الثانية من الاخلاء .

و لعل سوء صياغة نصوص القانون هى التى توحى بتطبيق مبدأ الاثر الفورى للقانون على النحو سالف البيان .

و لكن ارى ان مبدأ الاثر الفورى للقانون لا ينطبق على حالتى الاخلاء سالفتى الذكر ، و ذلك لانه فى مجال تفسير القانون و البحث عن قصد المشرع الحقيقى فانه يجب الالمام بظروف صدور القانون و ملابساته و بالتالى يمكن القول بأن القانون لا يأخذ بمبدأ الاثرالفورى لنفاذ القانون  طبقا لظروف و ملايسات اصدار القانون ، و على ذلك فانه وفقا للحالة الاولى من الاخلاء فانه يشترط ان يكون ترك العين المؤجرة لمدة تزيد على سنة حتى و لو كانت هذا الترك سابقاً على صدور القانون ، و على ذلك يجوز للمؤجر رفع دعوى الاخلاء فور صدور القانون اذا ما ثبت ان ترك المستأجر مدة تزيد عن سنة سابقة و لو كانت سابقة على العمل بالقانون.

و بالمثل  فانه وفقا للحالة الثانية من الاخلاء فانه يشترط ان يتملك المستأجر الشقة او المحل بعد سريان القانون حتى لو المستأجر يمتلك الشقة او المحل قبل نفاذ هذا القانون .

و دليلنا على صحة هذا التفسير لحالتى الاخلاء الواردتين فى القانون الحجج الاتية :

اولا : ان الاخذ بمبدأ الاثر الفورى للقانون يفتح باب التحاليل و الغش نحو القانون من جانب المستأجرين اذ ان القانون تم تداوله عدة اشهر سابقة على صدوره و بالتالى يمكن للمستأجر ان يرتب اوضاعه ويتحايل على نصوص القانون كأن يتظاهر بإعادة فتح الشقة او المحل التى تركها  مغلقة لسنوات طويلة ، او يقوم ببيع الشقة او المحل سواء كان بيعاً حقيقياً او صورياً ليتجنب الاخلاء وفقا للحالة الثانية .

ثانيا : ان المشرع لم ينص على ان سريان الاخلاء منذ العمل بالقانون و بالتالى ليس هناك مانع منسريان الاخلاء على الوقائع السابقة على العمل بالقانون .

ثالثا : ان هذا التفسير يتماشى و يتطابق مع غاية المشرع و اهدافه و هو انهاء قوانين الايجار القديمة و تحرير العلاقة الايجارية بين المالك و المستأجر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى